حتى بلغ إلى قوله: تصغى إذا شدها ... البيت؛ فقال له قائل: أسأت؛ إذا وضع رجله فى غرزها فوثبت رمت به فدقّت عنقه، هلا قلت كما قال الراعى:
ولا تعجل المرء قبل الورا ... ك وهى بركبته أبصر
فقال ذو الرّمة: إنه وصف ناقة ملك، ووصفت ناقة سوقة.
روى أحمد بن أبى طاهر، عن أبى الحسن الطوسى، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن خالد بن كلثوم، قال: كان ذو الرّمة صاحب تشبيب بالنساء، وأوصاف، وبكاء على الديار، فإذا صار إلى المدح والهجاء أكدى «٣٢» ولم يصنع شيئا.
وأخبرنى أبو عبد الله الحكيمى، قال: أخبرنا أبو العباس ثعلب، قال: قال أبو عبيدة: كان ذو الرّمة إذا أخذ فى النسيب ونعت فهو مثل جرير، وليس وراء ذلك شىء.
فقيل له: ما تشبه شعره إلا بوجوه ليست لها أقفاء، وصدور ليست لها أعجاز. فقال:
كذا هو.
أخبرنى الصولى، قال: حدثنا القاسم بن إسماعيل، قال: أنشدنا محمد بن سلام لأبى النّجم العجلى- وكان له صديق يسقيه الشراب فينصرف ثملا من عنده:
أخرج من عند زياد كالخرف ... تخطّ رجلاى بخطّ مختلف
كأنما تكتّبان لام الف
قال الصولى: وقد عيب أبو النجم بهذا، فقيل: لولا أنه يكتب ما عرف صورة لام ألف وعناقها لها، كما عيب ذو الرمة فى وصفه عين ناقته حين قال «٣٣» :
كأنما عينها «٣٤» وقد ضمرت ... وضمّها «٣٥» السير فى بعض الأضاميم
يريد كأنّ عينها دارة ميم لتدويرها وغؤورها. والأضاء: الغدير، يقال: أضاء وأضا مثل قطاة وقطا، وأضأة وإضاء مثل أكمة وإكام. فقيل: لولا أنه يكتب لما عرف الميم.