٥ - قول الصحابي إذا لم يَنْتَشِر ولم يُعْلَم له مخالف.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: (قول الصحابي فيما للرأي فيه مجال، ولم يشتهر؛ لكونه مما لا تعم به البلوى، هذا هو محل الخلاف.) (١) كالتيمم لكل صلاة وإن لم يُحْدِث عند ابن عمر -رضي الله عنه-. (٢)
وتصوير المسألة هي: إذا لم يكن في الواقعة حديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا اختلاف بين الصحابة -رضي الله عنهم-، وإنما قال بعضهم فيها قولًا وأفتى بفتيًا، ولم يُعْلَم أن قوله وفتياه اشتهر في الباقين، ولا أنهم خالفوه.) (٣) ومن خلال هذا التصوير للمسألة: يتضح أن مذهب الصحابي المختلف فيه، هل هو حجة أم لا؟ ما توافرت فيه الشروط الآتية:
• كون المسألة ليس فيها نص من كتابٍ أو سنةٍ وإنما مسألة اجتهادية.
• أن لايُعْلَم لمذهب الصحابي هذا خلاف بين بقية الصحابة -رضي الله عنهم-.
• أن لا ينتشر ولا يشتهر مذهب ذلك الصحابي في المسألة بين بقية الصحابة -رضي الله عنهم-، وإنما ينقل فيما بعدهم من التابعين.
* * *
المطلب الثاني: آراء الأئمة الثلاثة في مذهب الصحابي إجمالًا.
ذهب الأئمة الثلاثة -رحمهم الله- إلى القول بحجية مذهب الصحابي وجعلوه أصلًا من أصولهم، وإن اختلفت مرتبة هذا الأصل عند كل واحد منهم، أو قدَّموا بعض الأدلة عليه.
أولًا: رأي الإمام أبي حنيفة -رحمه الله- وأصحابه في مذهب الصحابي
ورد عن أبي حنيفة -رحمه الله- في ذلك أنه قال: (آخذ بكتاب الله، فإن لم أجد فبسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإن لم
(١) «روضة الناظر»، (١/ ٤٦٦)
(٢) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»، (١/ ٣٣٩) رقم (١٠٥٤) وصحح إسناده عقب ذكره للأثر. قال ابن عمر -رضي الله عنه-: ((يتيمم لكل صلاة وإن لم يُحْدِث))
(٣) انظر: «إعلام الموقعين»، (٦/ ١٧)