للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسُ فِيمَنْ جَرَّبُوهُ وَامْتَحَنُوهُ.

وَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ (١) وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ وَجَابِرَ، أَوْ نَحْوَهُمْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ بِالرَّسُولِ مُحِبِّينَ لَهُ مُعَظِّمِينَ لَهُ لَيْسُوا مُنَافِقِينَ، فَكَيْفَ لَا يُعْلَمُ ذَلِكَ فِي مِثْلِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الَّذِينَ أَخْبَارُهُمْ وَإِيمَانُهُمْ وَمَحَبَّتُهُمْ وَنَصْرُهُمْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ طَبَّقَتِ الْبِلَادَ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا؟ ! .

فَهَذَا مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ، وَلَا يُجْعَلَ وُجُودُ قَوْمٍ مُنَافِقِينَ مُوجِبًا لِلشَّكِّ فِي إِيمَانِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَهُمْ فِي الْأُمَّةِ لِسَانُ صِدْقٍ، بَلْ نَحْنُ نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ إِيمَانَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ وَعَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَالْفُضَيْلِ وَالْجُنَيْدِ، وَمَنْ هُوَ دُونَ هَؤُلَاءِ، فَكَيْفَ لَا يُعْلَمُ إِيمَانُ الصَّحَابَةِ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ إِيمَانَ كَثِيرٍ مِمَّنْ بَاشَرْنَاهُ مِنَ الْأَصْحَابِ؟ ! .

وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَبُيِّنَ أَنَّ الْعِلْمَ بِصِدْقِ الصَّادِقِ فِي أَخْبَارِهِ (* إِذَا كَانَ دَعْوَى نُبُوَّةٍ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَكَذِبِ الْكَاذِبِ *) (٢) مِمَّا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ بِأَسْبَابٍ كَثِيرَةٍ.

وَإِظْهَارُ الْإِسْلَامِ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إِمَّا صَادِقٌ وَإِمَّا كَاذِبٌ.

فَهَذَا يُقَالُ أَوَّلًا، وَيُقَالُ ثَانِيًا: وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ نِزَاعًا ـ: أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مُنَافِقٌ أَصْلًا، وَذَلِكَ


(١) م: وَابْنَ عَامِرِ بْنِ مَالِكٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
(٢) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .

<<  <  ج: ص:  >  >>