للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالشُّبْهَةُ فِي دَعْوَى مُوَالَاةِ عَلِيٍّ لِلرَّسُولِ أَعْظَمُ مِنَ الشُّبْهَةِ فِي دَعْوَى مُعَادَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِالِاضْطِرَارِ؛ لَكِنَّ الْحُجَجَ الدَّالَّةَ عَلَى بُطْلَانِ هَذِهِ الدَّعْوَى فِي أَبِي بَكْرٍ أَعْظَمُ مِنَ الْحُجَجِ الدَّالَّةِ عَلَى بُطْلَانِهَا فِي حَقِّ عَلِيٍّ؛ فَإِذَا كَانَتِ الْحُجَّةُ عَلَى مُوَالَاةِ عَلِيٍّ صَحِيحَةً، وَالْحُجَّةُ عَلَى مُعَادَاتِهِ بَاطِلَةً، فَالْحُجَّةُ عَلَى مُوَالَاةِ أَبِي بَكْرٍ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ، وَالْحُجَّةُ عَلَى مُعَادَاتِهِ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ: " اسْتَصْحَبَهُ حَذَرًا مِنْ أَنْ يَظْهَرَ أَمْرَهُ ".

كَلَامُ مَنْ هُوَ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ بِمَا وَقَعَ، فَإِنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ ظَاهِرٌ عَرَفَهُ أَهْلُ مَكَّةَ، وَأَرْسَلُوا الطَّلَبَ، فَإِنَّهُ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا عَرَفُوا فِي صَبِيحَتِهَا أَنَّهُ خَرَجَ، وَانْتَشَرَ ذَلِكَ وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِ الطُّرُقِ يَبْذُلُونَ الدِّيَةَ فِيهِ، وَفِي أَبِي بَكْرٍ بَذَلُوا الدِّيَةَ لِمَنْ يَأْتِي بِأَبِي بَكْرٍ؛ فَأَيُّ شَيْءٍ كَانَ يَخَافُ؟ وَكَوْنُ الْمُشْرِكِينَ بَذَلُوا الدِّيَةَ لِمَنْ يَأْتِي بِأَبِي بَكْرٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَ مُوَالَاتَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَنَّهُ كَانَ عَدُوَّهُمْ فِي الْبَاطِنِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ فِي الْبَاطِنِ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ.

الرَّابِعُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ خَرَجَ لَيْلًا، كَانَ وَقْتُ الْخُرُوجِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ، فَمَا يَصْنَعُ بِأَبِي بَكْرٍ وَاسْتِصْحَابِهِ (١) مَعَهُ؟ .

فَإِنْ قِيلَ: فَلَعَلَّهُ عَلِمَ خُرُوجَهُ دُونَ غَيْرِهِ؟ .

قِيلَ: أَوَّلًا: قَدْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَخْرُجَ فِي وَقْتٍ لَا يُشْعَرُ بِهِ، كَمَا ن: لَا يُشْعَرُ بِهِ بِخُرُوجِهِ كَمَا، (٢) خَرَجَ


(١) س، ب: وَأَصْحَابِهِ
(٢) س، ب: لَا يُشْعَرُ بِخُرُوجِهِ كَمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>