للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ وَثَالِثُهُمَا عُمَرُ؛ لَكِنْ لَمْ يَكُنْ عُمَرُ مُطَّلِعًا عَلَى سِرِّهِمَا كُلِّهِ، كَمَا وَقَعَتْ دَعْوَةُ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ الْبَاطِنِيَّةِ وَالْقَرَامِطَةِ، فَكَانَ (١) كُلُّ مَنْ كَانَ أَقْرَبَ إِلَى إِمَامِهِمْ [كَانَ] (٢) أَعْلَمَ بِبَاطِنِ الدَّعْوَةِ، وَأَكْتَمَ لِبَاطِنِهَا مِنْ غَيْرِهِ.

وَلِهَذَا جَعَلُوهُمْ مَرَاتِبَ: فَالزَّنَادِقَةُ الْمُنَافِقُونَ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْظَمُ مُوَالَاةً وَاخْتِصَاصًا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِهِ، جَعَلُوهُ مِمَّنْ يَطَّلِعُ عَلَى بَاطِنِ أَمْرِهِ وَيَكْتُمُهُ عَنْ غَيْرِهِ، وَيُعَاوِنُهُ عَلَى مَقْصُودِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.

فَمَنْ قَالَ: إِنَّهُ كَانَ فِي الْبَاطِنِ عَدُوَّهُ (٣) ، كَانَ مِنْ أَعْظَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فِرْيَةً، ثُمَّ إِنَّ قَاتِلَ هَذَا إِذَا قِيلَ لَهُ مِثْلُ هَذَا فِي عَلِيٍّ، وَقِيلَ [لَهُ] لَهُ زِيَادَةٌ فِي (م) .: إِنَّهُ كَانَ فِي الْبَاطِنِ مُعَادِيًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنَّهُ كَانَ عَاجِزًا فِي وِلَايَةِ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ عَنْ إِفْسَادِ مِلَّتِهِ؛ فَلَمَّا ذَهَبَ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ وَبَقِيَ هُوَ؛ طَلَبَ حِينَئِذٍ إِفْسَادَ مِلَّتِهِ وَإِهْلَاكَ أُمَّتِهِ، وَلِهَذَا قَتَلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَلْقًا كَثِيرًا، وَكَانَ مُرَادُهُ إِهْلَاكَ الْبَاقِينَ؛ لَكِنْ عَجَزَ؛ وَإِنَّهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ انْتَسَبَ إِلَيْهِ الزَّنَادِقَةُ الْمُنَافِقُونَ الْمُبْغِضُونَ لِلرَّسُولِ كَالْقَرَامِطَةِ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةِ وَالنُّصَيْرِيَّةِ، فَلَا تَجِدُ عَدُوًّا لِلْإِسْلَامِ إِلَّا وَهُوَ يَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ بِإِظْهَارِ مُوَالَاةٍ عَلَى اسْتِعَانَةٍ لَا تُمْكِنُهُ بِإِظْهَارِ مُوَالَاةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.


(١) س، ب: وَكَانَ
(٢) كَانَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)
(٣) س، ب: عَدُوًّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>