للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: ٣٣] . فَالْخِطَابُ كُلُّهُ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَعَهُنَّ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ. لَكِنْ لَمَّا تَبَيَّنَ مَا فِي هَذَا مِنَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي تَعُمُّهُنَّ وَتَعُمُّ غَيْرَهُنَّ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، جَاءَ التَّطْهِيرُ بِهَذَا الْخِطَابِ وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ (١) مُخْتَصًّا بِأَزْوَاجِهِ، بَلْ هُوَ مُتَنَاوِلٌ لِأَهْلِ الْبَيْتِ كُلِّهِمْ، وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ أَخَصُّ مِنْ غَيْرِهِمْ بِذَلِكَ ; وَلِذَلِكَ خَصَّهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالدُّعَاءِ لَهُمْ. وَهَذَا كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: ١٠٨] نَزَلَتْ بِسَبَبِ مَسْجِدِ قُبَاءَ، لَكِنَّ الْحُكْمَ يَتَنَاوَلُهُ وَيَتَنَاوَلُ مَا هُوَ أَحَقُّ مِنْهُ بِذَلِكَ، وَهُوَ مَسْجِدُ الْمَدِينَةِ. وَهَذَا يُوَجِّهُ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، فَقَالَ: " هُوَ مَسْجِدِي هَذَا» " (٢) . وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي قُبَاءَ كُلَّ سَبْتٍ مَاشِيًا وَرَاكِبًا، فَكَانَ يَقُومُ فِي مَسْجِدِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَأْتِي قُبَاءَ يَوْمَ


(١) ن، ب: وَغَيْرِهِ لَيْسَ، س: وَغَيْرِ لَيْسَ.
(٢) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ ٤/٣٤٤ (كِتَابُ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، سُورَةُ التَّوْبَةِ حَدِيثٌ رَقْمُ ٥٠٩٧) وَنَصُّهُ: تَمَارَى رَجُلَانِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: هُوَ مَسْجِدُ قُبَاءَ، وَقَالَ الْآخَرُ: هُوَ مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هُوَ مَسْجِدِي هَذَا) قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيٍّ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ. وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنَ النَّسَائِيِّ ٢/٣٠ (كِتَابُ الْمَسَاجِدِ، بَابُ ذِكْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى) ، الْمُسْنَدُ ((ط. الْحَلَبِيِّ)) ٣/٨، ٥/١١٦، ٣٣١، ٣٣٥

<<  <  ج: ص:  >  >>