للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا نَقُولُ؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُ مَوْلَانَا، وَلَا مَوْلَى لَكُمْ» (١) .

وَيُوجَدُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَحْلِفُ بِنِدٍّ جَعَلَهُ لِلَّهِ، وَيَنْذِرُ لَهُ، وَيُوَالِي فِي مَحَبَّتِهِ، وَيُعَادِي مَنْ يُبْغِضُهُ، وَيَحْلِفُ بِهِ فَلَا يَكْذِبُ، وَيُوفِي بِمَا نَذَرَهُ لَهُ (٢) ، وَهُوَ يَكْذِبُ إِذَا حَلَفَ بِاللَّهِ، وَلَا يُوفِي بِمَا نَذَرَهُ لِلَّهِ، وَلَا يُوَالِي فِي مَحَبَّةِ اللَّهِ، وَلَا يُعَادِي فِي اللَّهِ، كَمَا يُوَالِي وَيُعَادِي لِذَلِكَ النِّدِّ.

فَمَنْ قَالَ: إِنِّي لَا أَجِدُ فِي قَلْبِي أَنَّ اللَّهَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا سِوَاهُ، فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَازِمٌ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ صَادِقًا فَيَكُونُ كَافِرًا مُخَلَّدًا فِي النَّارِ، مِنَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ غَالِطًا فِي قَوْلِهِ: لَا أَجِدُ فِي قَلْبِي هَذَا.

وَالْإِنْسَانُ قَدْ يَكُونُ فِي قَلْبِهِ مَعَارِفُ وَإِرَادَاتٌ، وَلَا يَدْرِي أَنَّهَا فِي قَلْبِهِ، فَوُجُودُ الشَّيْءِ فِي الْقَلْبِ شَيْءٌ، وَالدِّرَايَةُ بِهِ شَيْءٌ آخَرُ ; وَلِهَذَا يُوجَدُ الْوَاحِدُ مِنْ هَؤُلَاءِ يَطْلُبُ تَحْصِيلَ ذَلِكَ فِي قَلْبِهِ، وَهُوَ حَاصِلٌ فِي قَلْبِهِ، فَتَرَاهُ يَتْعَبُ تَعَبًا كَثِيرًا لِجَهْلِهِ، وَهَذَا كَالْمُوَسْوَسِ (٣) فِي الصَّلَاةِ ; فَإِنَّ كُلَّ مَنْ فَعَلَ فِعْلًا بِاخْتِيَارِهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ مَا يَفْعَلُهُ (٤) ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ، وَوُجُودُ ذَلِكَ بِدُونِ النِّيَّةِ - الَّتِي هِيَ الْإِرَادَةُ - مُمْتَنِعٌ، فَمَنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَّا وَهُوَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ (٥) ،


(١) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى ١/٥٢٣ وَانْظُرْ هَذَا الْجُزْءَ، ص ٢١
(٢) ن، م: بِمَا نَذَرَ لَهُ.
(٣) ن، م: مَا فَعَلَهُ.
(٤) وَ: كَالْوَسْوَسَةِ.
(٥) وُ: مُرِيدٌ لِلصَّلَاةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>