للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النُّسَّاكِ " (١) وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْجُنَيْدِ، وَمِنْ شُيُوخِ (٢) أَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ، [كَانَ] (٣) مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ، وَمِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِأَخْبَارِ الزُّهَّادِ وَأَهْلِ الْحَقَائِقِ.

وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْجُنَيْدُ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ، وَالْفَرْقِ بَيْنَ الْمَأْمُورِ وَالْمَحْظُورِ، بِهِمَا يَزُولُ مَا وَقَعَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ الصُّوفِيَّةِ مِنْ هَذَا الضَّلَالِ. وَلِهَذَا كَانَ الضُّلَّالُ مِنْهُمْ يَذُمُّونَ الْجُنَيْدَ عَلَى ذَلِكَ، كَابْنِ عَرَبِيٍّ وَأَمْثَالِهِ، فَإِنَّ لَهُ كِتَابًا سَمَّاهُ " الْإِسْرَا إِلَى الْمَقَامِ الْأَسْرَى " (٤) مَضْمُونُهُ حَدِيثُ نَفْسٍ وَوَسَاوِسُ (٥) شَيْطَانٍ حَصَلَتْ فِي نَفْسِهِ، جَعَلَ ذَلِكَ مِعْرَاجًا كَمِعْرَاجِ الْأَنْبِيَاءِ (٦) ، وَأَخَذَ يَعِيبُ عَلَى الْجُنَيْدِ وَعَلَى غَيْرِهِ مِنَ الشُّيُوخِ مَا ذَكَرُوهُ، وَعَابَ عَلَى الْجُنَيْدِ قَوْلَهُ: " التَّوْحِيدُ إِفْرَادُ الْحُدُوثِ عَنِ الْقِدَمِ " وَقَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَا جُنَيْدُ، مَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ إِلَّا مَنْ كَانَ خَارِجًا عَنْهُمَا، وَأَنْتَ إِمَّا


(١) ن: أَبُو سَعْدٍ الْأَعْرَابِيُّ، وَهُوَ أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادِ بْنِ الْأَعْرَابِيِّ، وُلِدَ سَنَةَ ٢٤٦، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْجُنَيْدِ وَأَبِي الْحُسَيْنِ النُّورِيِّ، وَتُوُفِّيَ سَنَةَ ٣٤١، وَذَكَرَ سَزْكِينُ كِتَابَهُ " طَبَقَاتِ النُّسَّاكِ "، وَقَالَ: أَفَادَ مِنْهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي " حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ " وَالذَّهَبِيُّ فِي " تَذْكِرَةِ الْحُفَّاظِ ". وَانْظُرْ تَرْجَمَتَهُ وَأَقْوَالَهُ فِي الْقُشَيْرِيَّةِ ١/١٦٥، طَبَقَاتِ الصُّوفِيَّةِ، ص ٤٢٧ - ٤٣٠، شَذَرَاتِ الذَّهَبِ ٢/٣٥٤ - ٣٥٥، حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ ١٠/٣٧٥ - ٣٧٦، لِسَانِ الْمِيزَانِ ١/٣٠٨ - ٣٠٩، الْأَعْلَامِ ١/١٩٩ سَزْكِينَ م [٠ - ٩] ج [٠ - ٩] ص ١٥٥ - ١٥٦.
(٢) ن: وَمِنْ أَصْحَابِ.
(٣) كَانَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) .
(٤) هَذَا الْكِتَابُ لِابْنِ عَرَبِيٍّ ضِمْنَ مَجْمُوعَةِ رَسَائِلِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ، ط حِيدَرْ آبَادَ الدِّكِنْ ١٣٦٧/١٩٤٨
(٥) و: وَوَسْوَسَةُ.
(٦) انْظُرْ كِتَابَ " الْإِسْرَا إِلَى مَقَامِ الْأَسْرَى وَانْظُرْ قَوْلَهُ ص ٩ - ١٠ " فَبَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ، وَسِرُّ وُجُودِي مُتَهَجِّدٌ قَائِمٌ، جَاءَنِي رَسُولُ التَّوْفِيقِ، لِيَهْدِيَنِي سَوَاءَ الطَّرِيقِ، وَمَعَ بُرَاقِ الْإِخْلَاصِ، عَلَيْهِ لِبَدُ الْفَوْزِ وَلِجَامُ الْإِخْلَاصِ، فَكَشَفَ عَنْ سَقْفِ مَحَلِّي، وَأَخَذَ فِي نَقْضِي وَحَلِّي، وَشَقَّ صَدْرِي بِسِكِّينِ السَّكِينَةِ، وَأَسْرَى بِي مَنْ حَرَمِ الْأَكْوَانِ، إِلَى قُدُسِ الْجِنَانِ، فَرَبَطْتُ الْبُرَاقَ بِحَلَقَةِ بَابِهِ، وَأُتِيتُ بِالْخَمْرِ وَاللَّبَنِ، فَشَرِبْتُ مِيرَاثَ تَمَامِ اللَّبَنِ، وَتَرَكْتُ الْخَمْرَ، حَذِرًا أَنْ أَكْشِفَ السِّرَّ بِالسُّكْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>