للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرَ مُعَظِّمٍ لِلرَّسُولِ، زَعَمَ أَنَّهُ تَعَدَّى حَدَّ الرَّسُولِ، وَهَذَا الضَّلَالُ حَدَثَ قَدِيمًا مِنْ جُهَّالِ الْعِبَادِ.

وَلِهَذَا كَانَ الْعَارِفُونَ، كَالْجُنَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ: سَيِّدِ الطَّائِفَةِ (١) - قَدَّسَ اللَّهُ رَوْحَهُ - (٢) لَمَّا سُئِلَ عَنِ التَّوْحِيدِ قَالَ: " التَّوْحِيدُ إِفْرَادُ الْحُدُوثِ عَنِ الْقِدَمِ " (٣) فَإِنَّهُ كَانَ عَارِفًا، وَرَأَى أَقْوَامًا يَنْتَهِي بِهِمُ الْأَمْرُ إِلَى الِاتِّحَادِ، فَلَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ، وَكَانَ أَيْضًا [طَائِفَةٌ] (٤) مِنْ أَصْحَابِهِ وَقَعُوا فِي الْفَنَاءِ فِي تَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، الَّذِي لَا يُمَيَّزُ فِيهِ بَيْنَ الْمَأْمُورِ وَالْمَحْظُورِ، فَدَعَاهُمُ الْجُنَيْدُ إِلَى الْفَرْقِ الثَّانِي، وَهُوَ تَوْحِيدُ الْإِلَهِيَّةِ، الَّذِي يُمَيَّزُ فِيهِ بَيْنَ الْمَأْمُورِ وَالْمَحْظُورِ، فَمِنْهُمْ مَنْ وَافَقَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَالَفَهُ، وَمِنْهُمْ لَمْ يَفْهَمْ كَلَامَهُ.

وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضَ مَا جَرَى مِنْ ذَلِكَ أَبُو سَعِيدٍ الْأَعْرَابِيُّ فِي " طَبَقَاتِ


(١) سَيِّدِ الطَّائِفَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (و) .
(٢) ح، ب: سِرَّهُ، وَهُوَ أَبُو الْقَاسِمِ الْجُنَيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجُنَيْدِ الْبَغْدَادِيُّ الْخَزَّارُ، أَصْلُ أَبِيهِ مِنْ نَهَاوَنْدَ، وَكَانَ يَبِيعُ الزُّجَاجَ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ لَهُ الْقَوَارِيرِيُّ، وَالْجُنَيْدُ إِمَامُ الصُّوفِيَّةِ، وَسُمِّيَ بِسَيِّدِ الطَّائِفَةِ لِضَبْطِ مَذْهَبِهِ بِقَوَاعِدِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، تُوُفِّيَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ ٢٧٩ وَقِيلَ ٢٩٨ انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ وَأَقْوَالَهُ فِي: طَبَقَاتُ الصُّوفِيَّةِ ص ١٥٥ - ١٦٣، الطَّبَقَاتِ الْكُبْرَى ١/٧٢ - ٧٤، صِفَةِ الصَّفْوَةِ ٢/٢٣٥ - ٢٤٠، وَفَيَاتِ الْأَعْيَانِ ١/٣٢٣ - ٣٢٥، شَذَرَاتِ الذَّهَبِ ٢/٢٢٨ - ٢٣٠، طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ ٢/٢٦٠ - ٢٦٥، الْأَعْلَامِ ٢/١٣٧ - ١٣٨.
(٣) أَوْرَدَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ وَنَسَبَهَا إِلَى الْجُنَيْدِ الْقُشَيْرِيُّ فِي الرِّسَالَةِ الْقُشَيْرِيَّةِ ١/٢٤ - ٢٥ وَقَالَ: التَّوْحِيدُ إِفْرَادُ الْقِدَمِ مِنَ الْحَدَثِ.
(٤) طَائِفَةٌ سَاقِطَةٌ مَنْ (ن) .

<<  <  ج: ص:  >  >>