للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّحِيحِ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ [- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، وَمِنْ حَدِيثِ] أَبِي سَعِيدٍ (١) . .

عَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابَهُ بُغَاةٌ، وَأَنَّ قِتَالَ عَلِيٍّ لَهُمْ قِتَالُ أَهْلِ الْعَدْلِ لِأَهْلِ الْبَغْيِ، لَكِنَّهُمْ بُغَاةٌ مُتَأَوِّلُونَ لَا يُكَفَّرُونَ وَلَا يُفَسَّقُونَ.

وَلَكِنْ يُقَالُ: لَيْسَ فِي مُجَرَّدِ كَوْنِهِمْ بُغَاةً مَا يُوجِبُ الْأَمْرَ بِقِتَالِهِمْ ; فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْ بِقِتَالِ كُلِّ بَاغٍ، بَلْ وَلَا أَمَرَ بِقِتَالِ الْبُغَاةِ ابْتِدَاءً، وَلَكِنْ قَالَ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ - إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} سُورَةُ الْحُجُرَاتِ، فَلَمْ يَأْمُرْ بِقِتَالِ الْبُغَاةِ ابْتِدَاءً، بَلْ أَمَرَ إِذَا اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُصْلَحَ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا يَتَنَاوَلُ مَا إِذَا كَانَتَا بَاغِيَتَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا بَاغِيَةً.

ثُمَّ قَالَ: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} وَقَوْلُهُ: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} قَدْ يُقَالُ: الْمُرَادُ بِهِ الْبَغْيُ بَعْدَ الْإِصْلَاحِ، وَلَكِنَّ هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ ; فَإِنَّ قَوْلَهُ: {بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى} يَتَنَاوَلُ الطَّائِفَتَيْنِ الْمُقْتَتِلَتَيْنِ، سَوَاءٌ أُصْلِحَ بَيْنَهُمَا أَوْ لَمْ يُصْلَحْ. كَمَا أَنَّ الْأَمْرَ


(١) ن، م، و: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ; هـ: عَنْ أُمِّ مَسْلَمَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>