للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يأبى، فيكون في علمه بهذا مسبقا تسلية له وتهدئة، إذا لم يجب الجميع الدعوة.

قوله: «ومن لم يجب الداعي، لم يدخل الدار، ولم يطعم من المأدبة، وسخط عليه السيد».

فسر هذا ما جاء في رواية جابر -رضي الله عنه- حيث قال: «فالله هو الملك، والدار الإسلام، والبيت الجنة، وأنت يا محمد رسول، فمن أجابك دخل الإسلام، ومن دخل الإسلام دخل الجنة، ومن دخل الجنة أكل ما فيها» (١).

هذه التهيئة الربانية لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- جعلته يتحمل أعباء الرسالة، ودعوة الناس إلى الخير، وكانت تثبيتا له على الحق حينما يواجه بالتكذيب، والعداوة والطرد والقتال، ومع ذلك كان ينتابه الحزن الشديد عندما يرى إعراض قومه عنه وعدم قبولهم الحق الذي جاء به -صلى الله عليه وسلم-، فيذكره ربه ويسليه كما في قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} (٢)، وقوله: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} (٣)، وغير ذلك من الآيات، ولم تكن هذه غفلة منه -صلى الله عليه وسلم- عن هذا الأمر، فإنه يعلم أن ليس عليه إلا هداية الدلالة والإرشاد، وأنه لا يملك هداية التوفيق، فهي لله وحده،


(١) الترمذي حديث (٢٨٦٠) وقال: هذا حديث مرسل سعيد بن أبي هلال لم يدرك جابر بن عبد الله، وقال ابن حجر: وقد اعتضد هذا المنقطع بحديث ربيعة الجرشي عند الطبراني، بنحو سياقه، وسنده جيد (الفتح ١٣/ ٥٦).
(٢) الآية (٦) من سورة الكهف.
(٣) الآية (٢٢) من سورة الغاشية.

<<  <  ج: ص:  >  >>