للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الدارمي رحمه الله تعالى:

٣٧٣ - (٤) أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: " قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ: الْعُلَمَاءُ ثَلَاثَةٌ: فَرَجُلٌ عَاشَ فِي عِلْمِهِ وَعَاشَ مَعَهُ النَّاسُ فِيهِ، وَرَجُلٌ عَاشَ فِي عِلْمِهِ وَلَمْ يَعِشْ مَعَهُ أَحَدٌ، وَرَجُلٌ عَاشَ النَّاسُ فِي عِلْمِهِ وَكَانَ وَبَالاً عَلَيْهِ" (١).

رجال السند:

سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وأَيُّوبُ، أئمة ثقات تقدموا، وأَبو قِلَابَةَ، هو عبد الله بن زيد إمام ثقة تقدم، وأَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ، هو عبد الله الداراني، تابعي إمام ثقة عابد.

الشرح:

هذه موعظة من أبي مسلم رحمه الله، وأساسها قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا، فكان منها نقية، قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب، أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس، فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصابت منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به» (٢)، وعلى هذا بنى أبو مسلم، فالعالم الذي عاش معه الناس هو من تعلم وعلم وعمل بما علم، والعالم الذي لم يعش معه أحد هو من تعلم وعمل بعلمه ولم يعلم غيره، فهو في الأجر أقل من سابقه، والذي كان علمه وبالا عليه، هو من تعلم ولم يعمل بعلمه فكان حجة عليه ويوم يسأل عن علمه ماذا عمل به أو أنه الذي يأمر الناس بالخير ولا يفعله، وهو المقصود بقول الله -عز وجل-: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (٣)، والعبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب، وكذلك قوله: -عز وجل- {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا


(١) رجاله ثقات، وانظر: القطوف رقم (٢٥٩/ ٣٦٦).
(٢) البخاري حديث (٧٩) ومسلم حديث (٢٢٨٢).
(٣) الآية (٤٤) من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>