للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (١)، وكذلك بقية الرسل عليهم السلام أصل دعوتهم توحيد الله تعالى، فالفرقان دلالته على صدق مقالته -صلى الله عليه وسلم-، وفيه قوة حجته على حقيقة نبوته -صلى الله عليه وسلم-، وهو معجزته الخالدة، مع اشتهار العرب بالفصاحة وقوة البيان، جاءهم نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- بما هو أشد بيانا، وأقوى دلالة، وأكمل بلاغة، بلسان عربي مبين، إنه لسانهم ومنطقهم، وكان المعجزة الكبرى لنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث تحداهم أن يأتوا بمثله وإن قلّ، وأمره -صلى الله عليه وسلم- أن يقول لهم: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (٢)، فلم يقدروا على ذلك، وأقر عقلاؤهم بالعجز، وأذعنوا بالتصديق، وشهدوا له بالكمال، وعلى أنفسهم بالنقص، وتمادى سفاؤهم في الغي والمكابرة، مع علمهم بأنهم عاجزون عن الإتيان بما يماثل آية واحدة منه، وتيقنوا أنهم على ذلك غير قادرين، وتمادوا في الضلال المبين، فأسهلت عقولهم حمقا دل على فسادها كقول مسيلمة الكذاب: «والطاحنات طحنا، والعاجنات عجنا، فالخابزات خبزا، والثاردات ثردا، واللاقمات لقما!» (٣)، فكشف من جهله ما كان مستترا، وأتى بما لا يعجز عنه الضعيف الأخرق، والجاهل الأحمق، ولذلك سمي الكذاب، فأين هذا الهراء


(١) الآية (١٦) من سورة العنكبوت، وانظر الآية (٣٨) من سورة يونس.
(٢) الآية (٢٣) من سورة البقرة.
(٣) الطبري ١/ ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>