هذا من حرصه -صلى الله عليه وسلم- على أن يؤم الناس أب بكر -رضي الله عنهم-، لأنه أفضل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بشهادته -صلى الله عليه وسلم- فيما تقدم، وفي هذا إلى إشارة ألى أنه -رضي الله عنه- المقدم في الخلافة كما قُدّم في الصلاة، ولذلك اشتد عضبه -صلى الله عليه وسلم- من أم المؤمنين رضي الله عنها لما راجعته في ذلك بالتبرير لرأيها حين قالت:«إن أبا بكر رجل رقيق، فلو أمرت عمر» و لم يقبل ذلك من أم المؤمنين، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «أنتن صواحب يوسف» وليس هذا تهمة لعائشة رضي الله عنها، ولكنه ضرب مثل في الاحتيال، ظن أن عائشة تريد ابعاد والدها أبي بكر -رضي الله عنه- عن موقف لا يحتمل الصبر فيه عن البكاء، ولأهمية أن يكون أبو بكر المقدم في ولاية الصلاة، والإشارة بذلك إلى تقديمه في الخلافة، كرر -صلى الله عليه وسلم- وقال:«مروا أبا بكر يصلي بالناس، فرب قائل متمن، ويأبى الله والمؤمنون».
المراد أن في تقديم أبي بكر -رضي الله عنه- في الصلاة يقطع الاحتجاج على من لا يرى أحقية أبي بكر في الخلافة، فيزعم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يقدمه في الصلاة وقدم عمر -رضي الله عنه-، ولا ريب أنه كان في الصحابة -رضي الله عنهم- من تمنى أن يكون علي -رضي الله عنه- هو الخليفة من بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لما له من قرابة النسب والمصاهرة، ولذلك قيل لعلي -رضي الله عنه-: " يا أمير المؤمنين أخبرنا عن أبي بكر فقال: ذاك امرؤ سماه الله الصديق على لسان محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رضيه لديننا فرضيناه لدنيان"(١).
ما يستفاد:
* من السنة أن يخبر الإمام بوقت الصلاة إذا شغله شاغل.
(١) الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة ١/ ٢٠١.