هذه بشارة طال ما عدت فاطمة رضي الله عنها لتلحق بابيها في الفردوس الأعلى وحيثما كان في الجنة، ولذلك ضحكت واستبشرت، ويا ليتني كنت معها فأفوز فوزا عظيما، وأسأل الله ألا يحرمني رؤيتهما في الجنة.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا جاء نصر الله والفتح» تقدم المراد بالنصر الموعود، والفتح كذلك.
قوله:«وجاء أهل اليمن».
أخبر -صلى الله عليه وسلم- بمجيء أهل اليمن، ليعلنوا إيمانهم بالنبوة والرسالة، واتباع محمد -صلى الله عليه وسلم- في المنشط والمكره، ثم وصف أهل اليمن بما يدل على قوة إيمانهم، وأطلق على الإيمان أنه يماني لذلك، فهذا الوصف عام في كل مؤمن ممن سكن جهة اليمن مما يقع جنوب مكة المكرمة إذ منها تُحدد الجهات الأربع، والمراد من كان منهم في ذلك الوقت وليس كل فرد من أهل اليمن ولا يعم كل زمان، ويتأكد لك ذلك إذا تأملت قدوم أبي موسى الأشعري وقومه -رضي الله عنهم- فقد قدم الأشعريون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهم خمسون رجلا فيهم أبو موسى -رضي الله عنه-، قدموا في سفن، وخرجوا بجدة، فلما دنوا من المدينة جعلوا يقولون: غدا نلقى الأحبة محمدا وحزبه -صلى الله عليه وسلم- و -رضي الله عنهم-، فلما وصلوا المدينة وجدوا رسول الله في سفره إلى خيبر، فأسلموا فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «الأشعريون في الناس كصرة فيها مسك» وقدم الدوسيون بقيادة الطفيل بن عمرو الدوسي الزهراني -رضي الله عنهم-، فإنه لما أسلم دعا قومه فأسلموا، وقدم معه منهم المدينة سبعون أو ثمانون أهل بيت، وفيهم: أبو هريرة الزهراني -رضي الله عنه-، وعبد الله ابن أزيهر الدوسي، ورسول الله بخيبر، فساروا إليه فلقوه هناك، ثم قدموا معه المدينة، فقال أبو هريرة في هجرته حين خرج من دار قومه: