ما ينئ بأهمية الأمر، وأن من وراء ذلك نبأ عظيم، يؤيد هذا يؤيد هذا قول أبي مويهبة -رضي الله عنه-: «فانطلقت معه في جوف الليل».
لأن مبادرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخروجه في جوف الليل إلى البقيع، وإن كان سريع الإجابة لأمر ربه لا يخلوا من الإشارة إلى دنو أجله -صلى الله عليه وسلم-، يؤيد هذا قوله -صلى الله عليه وسلم-: «يا أبا مويهبة إني قد أوتيت بمفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة، فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي».
وقد قال بعد أن سلم عليهم:«ليهنئكم ما أصبحتم فيه مما أصبح فيه الناس، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها، الآخرة أشد من الأولى».
قد يفهم من هذه التهنئة لأهل البقيع المخاطبين في تلك اللحظة، أن الله -عز وجل- أطلع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أن أصحابه -رضي الله عنهم- هم في نعيم، لذلك هنأهم بما أصبحوا فيه من السلامة مما أصبح فيه أهل الدنيا من كثرة الفتن والتي ستتوالى عليهم، هم فيها كمن هو في ليال ذات ظلمات بعضها فوق بعض، كل فتنة هي أعظم من سابقتها.
وقد قال أبو مويهبة -رضي الله عنه- لما سمع من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن الله -عز وجل- خيره: فداه وقال: «بابي أنت وأمي، خذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة». فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا والله يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربي» مؤكدا اختياره لقاء ربه -عز وجل-.
قوله:«فبدئ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وجعه الذي مات فيه».