للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{الرحمن على العرش استوى} : لو أمكنني حكها من المصحف لحككتها! روى ذلك عنه البخاري في كتاب «خلق أفعال العباد» ؛ فارجع إليه.

فبسبب هذا القانون الذي ذكرناه عنهم؛ أوَّلوا أسماء الله وصفاته التي ذكرها في كتابه، ووصف بها نفسه، ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: إنَّ اعتقاد ظواهر هذه النصوص كفر صريح! بل لا بُدَّ من تأويلها وصرفها عن ظاهرها؛ ففسَّروها بآرائهم وما أدَّته إليه عقولهم؛ ففسَّرُوا اسمه (الرحمن الرحيم) : بلازم أثر ذلك من إثابة المؤمنين، ومنعوا أن تكون لها معاني تليق به ـ سبحانه وتعالى ـ، وفسَّرُوا (العرش) : بالملك، و (الاستواء) : بالاستيلاء، واليد: بالقدرة، والنفس: بالعقاب، والنزول: بنزول الملك، والمجيء: بمجيء أمره، وقالوا: لا يُوصف الله بأنه خلف أو أمام أو يمين أو شمال أو أسفل أو فوق، ولا يُقال في السماء ولا فوق العرش ولا تحته ولا داخل العالم ولا خارجًا عنه، ولا يشار إليه ولا يصعد إليه شيء، ولا ينزل من عنده شيء، ولا يتولى حساب العباد بنفسه، ولا يكلم المؤمنين، ولا يضحك لهم، ولا يغضب ولا يرضى، وغير ذلك من الصفات الثابتة له ـ عز وجل ـ بالكتاب والسنة الصحيحة، تعالى الله عما يقولون عُلُوًّا كبيرًا، ولم يقتصروا على ما ذكروه؛ بل جعلوا طريقتهم هذه ـ أي: طريقة العدم والنفي والتعطيل ـ أعلم وأحكم من طريقة النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأهل الحديث أجمعين! فسبحانك هذا بهتان عظيم! فسبحان من أعمى بصائرهم وطبع على قلوبهم!

فهل يقول مسلم أو كافر: إن فروخ الأعاجم أعلم من الرسول صلى الله عليه وسلم بمعاني القرآن والسنة؟! ولو أخذنا نردّ هذا الضلال المبين لطال بنا الكلام، وإن شئت الوقوف على

<<  <   >  >>