حال مَن اتّخذ من دون الله وليًّا يزعم أنّه يقرّبه إلى الله ـ تعالى ـ، [وما أعزّ مَن تخلّص من هذا، بل ما أعزّ مَن لا] يعادي مَن أنكره، والذي قام بقلوب هؤلاء المشركين أنّ آلهتهم تشفع لهم عند الله، وهذا عين الشّرك، وقد أنكر الله ذلك في كتابه وأبطله، وأخبر أنّ الشّفاعة كلّها له.
ثم ذكر الآية التي في سورة سبأ؛ وهي: قوله ـ تعالى ـ: {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرّة في السّموات ولا في الأرض} وتكلّم عليها، ثم قال: والقرآن مملوء من أمثالها، ولكنّ أكثر النّاس لا يشعرون بدخول الواقع تحته، ويظنّه في قوم قد خلوا ولم يعقبوا وارثًا، وهذا هو الذي يحول بين القلب وبين فهم القرآن؛ كما قال عمر بن الخطّاب ـ رضي الله عنه ـ:«إنّما تُنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام مَن لا يعرف الجاهليّة» ؛ وهذا لأنّه إذا لم يعرف الشّرك وما عابه القرآن وذمّه؛ وقع فيه وأقرّه، وهو لا يعرف أنّه الذي كان عليه الجاهليّة فتُنقض بذلك عرى الإسلام، ويعود المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، والبدعة سُنّة والسُّنّة بدعة، ويكفّر الرّجل بمحض الإيمان وتجريد التّوحيد، ويبدّع بتجريد متابعة الرّسول صلى الله عليه وسلم ومفارقة الأهواء والبدع، ومَن له بصيرة وقلب [حيّ] يرى ذلك عيانًا. والله المستعان.