وعظهم وتعريفهم جهلَهم وزجرهم ولو بالتعزير؛ كما أُمرنا بحدّ الزّاني وشارب الخمر والسّارق من أهل الكفر العمليّ.
إلى أن قال: فهذه كلّها قبائح محرّمة من أعمال الجاهليّة؛ فهو من الكفر العمليّ، وقد ثبت أنّ هذه الأُمّة تفعل أمورًا من أمور الجاهليّة هي من الكفر العمليّ؛ كحديث:«أربع من أُمّتي من أمر الجاهليّة لا يتركوهنّ: الفخر في الأحساب، والطّعن في الأنساب، والاستسقاء بالنّجوم، والنّياحة» ، أخرجه مسلم في «صحيحه» ، من حديث أبي مالك الأشعريّ. فهذه من الكفر العمليّ، لا تخرج بها الأُمة عن الملّة؛ بل هم ـ مع إتيانهم بهذه الخصلة الجاهليّة ـ أضافهم إلى نفسه؛ فقال:«من أُمّتي» .
فإن قلتَ:[أهل] الجاهليّة تقول في أصنامها: إنّهم يقرّبونهم إلى الله زلفى، ـ كما يقوله القبوريّون ـ، {ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله} ـ كما يقوله القبوريّون ـ.
قلتُ: لا سواء؛ فإنّ القبوريّين مثبتون التّوحيد لله، قائلون إنّه (لا إله إلَّا هو) ، ولو ضربت عنقه على أن يقول: إن الوليّ إله مع الله؛ لما قالها؛ بل عنده اعتقاد جهل أنّ الوليّ لمّا أطاع الله كان له بطاعته عنده جاه به تقبل شفاعته ويرجى نفعه، لا أنّه إله مع الله، بخلاف الوثنيّ؛ فإنّه امتنع عن قول (لا إله إلَّا الله) حتى ضربت عنقه، زاعمًا أنّ وثنه إله مع الله، ويسميه ربًّا وإلهًا؛ [قال يوسف ـ عليه السلام ـ:{أأرباب متفرّقون خير أم الله الواحد القهار} ؛ سمّاهم (أربابًا) ؛ لأنّهم كانوا يسمّونهم بذلك؛ كما قال الخليل:{هذا ربّي} في الثّلاث الآيات؛ مستفهمًا لهم مبكّتًا متكلّمًا على خطابهم