للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفضائل والفواضل، ولكنّ الشّأن في المتعصّب لهم من أتباعهم القائل: إنّه لا يجوز تقليد غيرهم، ولا يعتدّ بخلافه إن خالف، ولا يجوز لأحد من علماء المسلمين أن يخرج عن تقليدهم ـ وإن كان عارفًا بكتاب الله وسُنّة رسوله، قادرًا على العمل بما فيهما، متمكّنًا من استخراج المسائل الشّرعيّة منهما ـ! فلم يكن مقصودنا إلَّا التّعجّب لمَن كان له عقل صحيح وفكر رجيح، وتهوين الأمر عليه فيما نحن بصدده من الكلام على ما يفعله المعتقدون للأموات، وأنّه لا يغترّ العاقل بالكثرة وطول المهلة مع الغفلة؛ فإنّ ذلك لو كان دليلًا على الحقّ؛ لكان ما زعمه المقلّدون المذكورون حقًّا، [ولكان ما يفعله المعتقدون للأموات حقًّا] ! وهذا عارض من القول أوردناه للتّمثيل، ولم يكن من مقصودنا.

والذي نحن بصدده هو أّنه: إذا خفي على بعض أهل العلم ما ذكرناه وقرّرناه في حكم المعتقدين للأموات؛ لسبب من أسباب الخفاء التي قدّمنا ذكرها، ولم يتعقّل ما سقناه من الحُجَج البرهانيّة القرآنيّة والعقليّة؛ فينبغي أن تسأله: ما هو الشرك؟

فإن قال: هو أن تتخذ مع الله إلهًا آخر، كما كانت الجاهليّة تتخذ الأصنام آلهة مع الله ـ سبحانه ـ.

قيل [له] : وماذا كانت الجاهليّة تصنعه لهذه الأصنام التي اتّخذوها حتى صاروا مشركين؟

فإن قال: كانوا يعظّمونها، ويقرّبون لها، ويستغيثون بها، وينادونها عند الحاجات، وينحرون لها النّحائر، ونحو ذلك من الأفعال الدّاخلة في مسمّى العبادة.

فقل له: لأيّ شيء كانوا يفعلون لها ذلك؟

فإن قال: لكونها الخالقة الرّازقة أو المحيية أو المميتة؛ فاقرأ [عليه] ما قدّمنا لك من البراهين القرآنيّة؛ المصرّحة بأنّهم مقرّون بأنّ الله الخالق الرّازق المحيي المميت، وأنّهم إنّما عبدوها لتقرّبهم إلى الله زلفى، وقالوا: هم شفعاؤهم عند الله، ولم يعبدوها لغير ذلك؛ فإنّه سيوافقك ولا محالة إن كان يعتقد أنّ كلام الله حقّ. وبعد أن

<<  <   >  >>