إلى الزيارة إلى أن وصل إلى المدينة، وقد خلطها بالجدِّ والهزل المراد به الجد كما قيل وشَرُّ الشدائد ما يضحك وهذه هي القصيدة:
خليليَّ عن حالي سلا وتفقَّدا … وميلا إلى نحو الوسادة واقعدا
أبثكما مما لقيت عجائبًا … بليت بها فاستخبرا وتنشَّدا
فلي قصة يا صاحبيَّ جعلتها … حديثًا عن البلوى، عن الضيق مسندا
عن العُسْرِ، عن كربٍ عن الغمِّ عن … عنَى عن الحزن، عن غمٍّ غلا وتصعدا
خرجنا نهار السبت من أرض جدة … وقد كان نحسًا ذلك اليوم أنكدا
والقصيدة طويلة ولكنا نختار منها ما يصف حالة الأمن في الطريق من الأعراب فيقول:
ورحنا وأصبحنا على بئر رابغ … فمستورة فالخبت قِلْنا به غدا
على قوم عادٍ أو ثمودَ تَجَبُّرًا … وظلمًا وبغيًا في البرية واعتدا
ومن بعده اليوم العصيب غداة ما … بدونا على الصفراء في حِزْب من بدا
أقمنا بها حينا على شرِّ حالة … نكابد بالضراء عيشًا مُنكَّدا
وقد حاصروا إذ ذاك بلدة أحمد … ونحن بها نبغي زيارة أحمدا
وصدُّوا جميع الزائرين وأذَّنوا … ونادوا ولا خافوا الذي يُعقب النِّدا
ورحنا حيارى كلما مرَّ فاجرٌ … علينا تعدَّى أو طغى أو تهدَّدا
فقلنا لهم يا قوم نخشى عقوبة … عليكم من السلطان سيفًا مهنَّدا
ومن خلفكم تدبير صاحب مكة … فلا تحسبوا هذا يروح لكم سُدا
فأضْرب كلُّ مُنهموا عن مقالنا … وأعرض عنا هازئًا وتوعَّدا
وقالوا لنا خمسون عاما كما ترى … ولو كان سلطانٌ هناك لأنْجَدا
وقد بُحَّ صوت المستغيثين عنده … فكيف ترى يهنا على الضيم مرقدا
وإن كان لا يدري فتلك مصيبة … وإن كان يدري فاسألوا ما الذي عدا