للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استغل الحاقدون هذا الوضع، وأشاعوا أن مؤسس المدرسة السيد أحمد رحمه الله وهابي وأن المدرسة إنما أسست لخدمة المذهب الوهابي، متخذين من قيام المدرسة بتدريس كتب الحديث وشروحاتها البعيدة عن الخرافة، وتدريس الفقه وأصوله أصبعًا تشير إلى وهابيته، علمًا بأن الوهابية لقب أطلقه أعداء الدعوة السلفية على أتباع الدعوة للنيل منها، واظهارها بمظهر الابتداع والمروق، وإنما كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب رجلًا حنبليِّ المذهب، دعا الناس إلى تصحيح عقائدهم، وتطهيرها مما علق بها من خرافات وأضاليل، ولكن الموازين عند هؤلاء وأمثالهم تنقلب، لتصبح الاستقامة على منهج السلف جرمًا يعاقب عليه، وتهمة توجه لتقويض الناس والمؤسسات.

[إغلاق المدرسة]

فعلت الوشايات والمكائد فعلها فقام المسؤولون الحكوميون عن التعليم بالمدينة المنورة بالتفتيش على المدرسة والتأكد مما نسب إليها والى صاحبها، وبعد محاورات مريرة مع السيد أحمد والمدرسين أمروا باغلاق المدرسة وتسريح طلابها وموظفيها.

أغلقت المدرسة أبوابها، ولكن المؤسس والمدرسين انتقلوا بطلابهم إلى رحاب المسجد النبوي الشريف فباشروا تدريس الطلاب في حلقات في رحاب المسجد الشريف، واتخذوا العلنية شعارًا لهم ليرى الناس ويسمعوا ما يلقى في هذه الحلقات من دروس واستمروا يمارسون عملهم هذا بضعة أسابيع كانت كافية لتفنيد التهم الكاذبة والوشايات المغرضة المدسوسة فعادت المدرسة إلى مقرها في منتصف عام ١٣٤٣ هـ.

وتلقى مؤسس المدرسة الموافقة من إمارة المدينة بالترخيص للمدرسة بالعمل فعادت إلى مقرها في شهر شوال من عام ١٣٤٣ (١).

وهكذا انتصر الخير على الشر، وأبطل الله كيد الكائدين ومكر الماكرين، وعادت المدرسة لمزاولة عملها الطيب دون حذر أو مخاوف.

[معاونة الطلاب]

من المشاكل التي واجهت مدرسة العلوم الشرعية، أو على الأصح التي واجهت مؤسسها السيد أحمد الفيض آبادي نشوب الحرب العالمية الأولى، واشتغال الناس بتدبير أمور معاشهم، وانصراف الآباء عن تعليم أولادهم، ولترغيب الآباء في تعليم أولادهم، عمد السيد أحمد إلى تخصيص مكافآت شهرية للمتفوقين من الطلاب، وخصَّ الفقراء منهم بمكافآت أسبوعية أو يومية مراعيًا حالة الآباء المادية، واحتياجهم إلى تشغيل أبنائهم والإفادة منهم.


(١) ١٩/ ٢١ مدرسه العلوم الشرعية و ٣٨/ ٤٢ أحمد الفيض آبادي.

<<  <  ج: ص:  >  >>