للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسار هزاع من المدينة بعد أن فك الحصار عنها، ولكن الناس كانت تضمر أشياء كثيرة من الظلم الذي وقع عليهم ويبدو أن ضمائر بعض من كان في القلعة مع الأغا استيقظت فانقلبوا على الأغا بعد ما رأوا من غشه وسوء تصرفه فمدُّوا الحبال إلى بعض من اتفقوا معهم على نصرتهم وأصعدوهم إلى القلعة، يقول البيتي:

وكان في قلعة السلطان طائفة … تحققت بَغْيَ مَنْ قد كان يغويها

فأطلعوها إليهم في الحبال كما … تسعى الأفاعي وترقى في مراقيها

فيا لها الله بسطامية وقعت … أعادت الحرب بكرًا في مجاريها

مات الأغاء وَمَنْ في حزبه كمدا … بها وعاد لتلك الحرب ينشيها

ولكن الأغا الذي فوجئ بهذا الانقلاب لم يتورع عن إدخال الأعراب إلى المسجد النبوي الشريف وأصعدوهم على المنائر يرمون القذائف منها، وانقطعت الصلاة في المسجد النبوي الشريف بعد أن تحول إلى ثكنة عسكرية، وحلت أصوات البنادق محل الأذان، يقول البيتي:

فأدخلَ الحرمَ الأعرابَ فانتهكت … هناك حرمة هاديها ومهديها

وأصعدوها ولا خافوا ولا اعتذروا … فوق المنائر ترمي من أعاليها

ويقول:

وأصبح الحرم العالي وروضته … كالجبُّخانة بالبارود يحشيها (٢٧٥)

لا جمعة لا صلاة لا أذانَ بها … إلا البنادق ترمي من أعاليها


(٢٧٥) الجبخانة - باللغة التركية - هي المكان الذي توضع فيه أسلحة الجيش وذخائره.

<<  <  ج: ص:  >  >>