للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد أخرج مسلم هذا الحديث وأهل السنن إلا ابن ماجه، من حديث أبي إسحاق (١).

وقوله: (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ) أي: كيف كان عذابي لمن كفر بي وكذب رسلي ولم يتعظ بما جاءت به نُذُري، وكيف انتصرت لهم، وأخذت لهم بالثأر.

(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) أي: سهلنا لفظه، ويسرنا معناه لمن أراده، ليتذكر الناس. كما قال: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ (٢) أُولُو الأَلْبَابِ﴾ [ص: ٢٩]، وقال تعالى: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا﴾ [مريم: ٩٧].

قال مجاهد: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) يعني: هَوّنّا قراءته.

وقال السدي: يسرنا تلاوته على الألسن.

وقال الضحاك عن ابن عباس: لولا أن الله يسره على لسان الآدميين، ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله، ﷿.

قلت: ومن تيسيره، تعالى، على الناس تلاوة القرآن ما تَقدّم عن النبي أنه قال: "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف". وأوردنا الحديث بطرقه وألفاظه بما أغنى عن إعادته هاهنا، ولله الحمد والمنة.

وقوله: (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) أي: فهل من متذكر بهذا القرآن الذي قد يَسَّر الله حفظه ومعناه؟

وقال محمد بن كعب القرظي: فهل من منزجر عن المعاصي؟

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا الحسن بن رافع، حدثنا ضَمْرَة (٣)، عن ابن شَوْذَب، عن مَطَر -هو الوراق-في قوله تعالى: (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) هل من طالب علم فَيُعَان عليه؟

وكذا علقه البخاري بصيغة الجزم، عن (٤) مطر الوراق و [كذا] (٥) رواه ابن جرير (٦)، وروي عن قتادة مثله.

﴿كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (١٨) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (١٩) تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (٢١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢٢)﴾.

يقول تعالى مخبرا عن عاد قوم هود: إنهم كذبوا رسولهم أيضا، كما صنع قوم نوح، وأنه تعالى


(١) صحيح البخاري برقم (٤٨٧١) وصحيح مسلم برقم (٨٢٣) وسنن أبي داود برقم (٣٩٩٤) وسنن الترمذي برقم (٢٩٣٧) وسنن النسائي (٢/ ١٥٠).
(٢) في م: "ليذكر".
(٣) في أ: "حمزة".
(٤) في أ: "على".
(٥) زيادة من م.
(٦) تفسير الطبري (٢٧/ ٥٧).