للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السماء بماء منهمر.

(وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ): قال ابن عباس، وسعيد بن جبير، والقرظي، وقتادة، وابن زيد: هي المسامير، واختاره ابن جرير، قال: وواحدها دسار، ويقال: دَسير، كما يقال: حبيك وحباك، والجمع حُبُك.

وقال مجاهد: الدسر: أضلاع السفينة. وقال عكرمة والحسن: هو صدرها الذي يضرب به الموج.

وقال الضحاك: الدسر: طرفها وأصلها.

وقال العَوْفي عن ابن عباس: هو كلكلها.

وقوله: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) أي: بأمرنا بمرأى منا وتحت حفظنا وكلاءتنا (جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ) أي جزاء لهم على كفرهم بالله وانتصارًا لنوح، .

وقوله: (وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً) قال قتادة: أبقى الله سفينة نوح حتى أدركها أول هذه الأمة. والظاهر أن المراد من ذلك جنس السفن، كقوله تعالى: ﴿وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ﴾ [يس: ٤١، ٤٢]. وقال ﴿إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١١، ١٢]؛ ولهذا قال ها هنا: (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) أي: فهل من يتذكر ويتعظ؟

قال الإمام أحمد: حدثنا حجاج، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن ابن مسعود، قال: أقرأني رسول الله (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن، مُدَّكر أو مُذَّكر؟ قال: أقرأني رسول الله : (مُدَّكِرٍ) (١)

وهكذا رواه البخاري: حدثنا يحيى، حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الأسود (٢) بن يزيد، عن عبد الله قال: قرأت على النبي : (فَهَلْ مِنْ مُذَّكِرٍ) فقال النبي : (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (٣)

وروى البخاري أيضا من حديث شعبة، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله، قال: كان رسول الله يقرأ: (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (٤).

وقال: حدثنا أبو نُعَيم، حدثنا زُهَيْر، عن أبي إسحاق؛ أنه سمع رجلا يسأل الأسود: (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) أو (مُذَّكِر)؟ قال: سمعت عبد الله يقرأ: (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ). وقال: سمعت رسول الله يقرؤها: (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) دالا.


(١) المسند (١/ ٣٩٥).
(٢) في م: "عن أبي الأسود".
(٣) صحيح البخاري برقم (٤٨٧٤).
(٤) صحيح البخاري برقم (٤٨٦٩).