للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقسم الثالث:

أما بالنسبة لما فيه معنى المال مثل: خيار العيب والتدليس، فالوصف عارض لعين مالية، وقع عليها العقد تترتب عليه آثار مالية.

في ضوء هذا التحليل لمالية المعقود عليه فقهًا يمكن تلخيص النظر في عقد (الاختيارات) (الحق المجرد) وفي نظائره من البيوع الحديثة على النحو التالي:

أولًا: (الحق المجرد) في عقد (الاختيارات) ليس مالًا حسب التعريفات السابقة، والمصطلح الشرعي.

ثانيًا: إنه ليس مما فيه (معنى المال) ، إذ ليس له تعلق ذاتي، أو عيني بما يطلق عليه مال.

يثبت من هذا أنه من قبيل القسم الثاني وهو (الحق مما ليس فيه معنى المال) ، فالعقد عليه عقد على شيء ليس له وجود في الخارج، فهو من قبيل (المعدوم) الذي لا يقدر، أو يقوم بمال، وحينئذ لا يصلح – حسب المصطلح الشرعي للبيع – أن يكون محلًّا للعقد (معقودًا عليه) .

وقد نهى الشارع عن بيع المعدوم على العموم، ولم يخص منه إلَّا بيع السلم بشروطه (١) .

وقد اتضح من العرض والتحليل السابقين أن هذا النوع من (الحق لا ينتمي إلى أي قسم من أقسام (الحق المالي) ، فضلًا عن أن يكون (مالًا) يصلح أن يكون محل عقد البيع شرعًا، فهو عقد على معدوم فعلًا) .

وإتمام عقد الاختيارات على هذه الصفة يفقده صحته ومشروعيته، حيث يختل ركن من أركانه. والسبيل إلى تصحيح هذا العقد من هذه الجهة: أن يكون القصد المهم والأساس في إنشائه الرغبة في شراء السلعة الموصوفة، كما ورد في التعريف ( ... لشراء، أو بيع كمية محددة في زمن محدد، من سلعة موصوفة بدقة ... يمكن الحصول عليها عند التنفيذ) (٢) . فالعبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني، والاعتبار في المعاملات بما في نفس الأمر (٣) .

فإذا توافر هذا النوع من العقود (الاختيارات) على هذا الركن صحيحًا يكون قد سلم من البطلان والفساد الناتج عن اختلاله من قبله.


(١) انظر: الشوكاني، محمد بن علي: السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، الطبعة الأولى، تحقيق محمود إبراهيم زايد، (بيروت: دار الكتب العلمية، سنة ١٤٠٥هـ/١٩٨٥م) : ٣/١٣.
(٢) الورقة المقدمة من المجمع، الاختيارات.
(٣) انظر: البهوتي: شرح منتهى الإرادات: ٢/١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>