الشق الثاني: يتعلق بتوحيد الأهلة. لا أشك أن الذين يسعون إلى توحيد بداية الشهور ونهايتها لهم نية حسنة. وكما سمعت من كثير من الحاضرين أنهم يريدون أن يدرؤوا بذلك عن الإسلام والمسلمين تهمة الفوضى. لا أشك أن هذه النية هي نية ربط بعض العبادات بأشياء طبيعية, فعبادة الصلاة تبدأ صلاة الفجر مثلا بانشقاق الفجر, ولا يصح لأحد أن يصلي الصبح قبل انشقاق الصبح, نفس الشئ صلاة الظهر تبدأ بزوال الشمس, صلاة العصر تبدأ إذا وصل الظل إلى مقدار معين, صلاة المغرب تبدأ بغروب الشمس, وهكذا. فكذلك الصيام هو مربوط بحسب ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم برؤية الهلال, فإذا كانت في هذه البلدة الرؤية غير حاصلة وحصلت هذه الرؤية في بلدة أخرى بينها وبين هذه البلدة من المسافة الزمنية ساعات. ننظر مثلا ماليزيا بداية البلاد الإسلامية من جهة الشرق وبلاد المغرب وموريتانيا التي هي نهاية البلاد الإسلامية من جهة الغرب فضلا عن المسلمين الذين يسكنون في أمريكا والذين يسكنون في أستراليا والذين يسكنون في اليابان والذين يسكنون في بلاد أخرى. إذا ثبتت رؤية هلال رمضان أو رؤية هلال شوال في المغرب مثلا, بين المغرب وماليزيا تسع ساعات, فإذا ثبتت الرؤية في المغرب فمتى تثبت؟ تثبت في وقت تكون فيه ماليزيا تستقبل الفجر أو تستقبل السحر في وقت السحر بالنسبة إلى ماليزيا, بالنسبة إلى ذلك البلد تكون الرؤية متعذرة في هذه الحالة. وهكذا في بقية البلدان وما دمنا نحن في الصلاة مختلفين في الأوقات فكذلك في الصيام, وما دام صيام اليوم وفطر اليوم الواحد يختلف بين منطقة وأخرى بحسب اختلاف المطالع والمشارق فكذلك بداية تحديد دخول شهر الصوم ونهاية شهر الصوم لا يضيرنا شيئا إذا ما كان هنالك أي فارق هذا حسب ما أرى.