للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشيخ محمد حسنين مخلوف: ( ... ولما كان الغالب على الجنين في الطور الأول أعراض النطفة، وفي الأربعين الثانية أعراض العلقة، وفي الأربعين الثالثة أعراض المضغة ورد الحديث على هذا البيان طبقاً للظاهر المحسوس، وان كان خلق الجنين وتصويره قد تم قبل ذلك، فإن الروح الإنساني مستدع لتمام خلقه وتصويره؟ كيف والروح هي اللطيفة الربانية المتعلقة بالبدن تعلق التدبير والتصرف، وذلك يستدير تمام الخلقة والتصوير) (١) وقال في موضع آخر: (وإنما اختص طور العظام بنفخ الروح في البدن وتعلقها به لأنه الطور الذي صلبت فيه المضغة حتى صارت عظاماً مقومة للهيكل الإنساني، قابلة للآثار الروحية والأفاعيل المختلفة، فهو الحد الذي يصلح فيه البدن لقبول الآثار الفائضة عليه من عالم التدبير. ٠٠) (٢)

فيتبين مما تقدم أن العلماء المسلمين القدامى كانوا يعلمون أن الجنين يتخلق قبل نفخ الروح، وأن ذلك كان مشتهراً في أوساطهم الطبية، ولم يمنعهم ذلك من الأخذ بظاهر حديث ابن مسعود، بل اتفقوا على الأخذ به، ورأوا أن منطق الأشياء يقتضي تأخير نفخ الروح إلى وقت تكون فيه أعضاء الجنين الرئيسة قد اكتملت، ولم يتأثروا بما كان قد عرف في الأوساط الطبية من وجود نوع من الحياة أو الحركة السابقة على نفخ الروح، ولم يروه مناقضاً للحديث الشريف ولا مستدعياً لتأويله، بل رأوه مناسباً له ومؤكداً لحكمة مدلوله.


(١) المطالب القدسية: ص ٧٥.
(٢) المطالب القدسية: ص ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>