للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا ابن القيم يصف التطور الجسماني للجنين بما لا يبتعد في مجمله عما توصل إليه الطب المعاصر (١) ويقرر أن التصوير والتخليق يحدث قبل أربعة أشهر بمدة طويلة، ومع ذلك فإنه يقرر أيضاً أن نفخ الروح لا يقع إلا بعد أربعة أشهر تمسكاً بحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم. بل يذهب إلى أكثر من ذلك، وهو أن أية حركة تصدر عن الجنين قبل ذلك الوقت فإنها لا تكون حركة ذاتية إرادية، بل لعلها حركة عارضة بسبب الأغشية والرطوبات ثم قال: (ولكن الذي نقطع به بأن الروح لا تتعلق به إلا بعد الأربعين الثالثة، وما يقدر من حركة قبل ذلك إن صحت لم تكن بسبب الروح) (٢)

وقد نقل ابن حجر عن الأطباء في عصره ما هو قريب مما ذكره ابن القيم، وكذلك ابن رجب الحنبلي. وهما أيضاً قد صرحا بأن نفخ الروح لا يقع إلا بعد مائة وعشرين يوماً ونقلا الاتفاق على ذلك كما تقدم (٣)

كما تقدم النقل عن ابن عابدين أن ظهور الخلق قبل أربعة أشهر لا ينافي نفخ الروح بعدها؛ لأن الروح إنما يكون بعد الخلق.

وقال النووي – مع تأكيده اتفاق العلماء على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر – (لأن نفخ الروح لا يكون إلا بعد تمام صورته) (٤)

وأكد الشيخ داود الأنطاكي - وهو من علماء عصره في الطب - أن الروح التي تكسب الجنين الحياة الإنسانية إنما تنفخ بعد مائة وعشرين يوماً، كما جاء به الشرع، وسماه الروح النفساني، وأن ما يذكره الأطباء من حياة قبل ذلك فهي خالية من هذه الروح الإنسانية، وسببها ما سماه الروح الطبيعي (٥)


(١) خلق الإنسان بين الطب والقرآن: ص ٤٠٣ وما بعد ما.
(٢) التبيان: ص ٣٣٩.
(٣) فتح الباري: ١١/ ٤٢٤، جامع العلوم والحكم: ص ٤٦، ٤٧.
(٤) شرح النووي على صحيح مسلم: ١٦/١٩١.
(٥) النزهة المبهجة: ١٥٤/١.

<<  <  ج: ص:  >  >>