للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الرابع

وقت نفخ الروح في الجنين

وكما اتفق علماء الإسلام على النتائج السابقة المتعلقة بنفخ الروح اتفقوا أيضاً على وقت حدوث هذا النفخ، لحديث عبد الله بن مسعود الذي ذكرناه سابقاً، والمتفق على صحته؛ حيث حدد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك باليوم، وأنه يكون بعد مائة وعشرين يوماً من تكون الجنين.

وقد اشتهر هذا التحديد بين العلماء المسلمين القدامى، والتزموا بما دل عليه الخبر الصحيح، وتلقوه بالقبول. ولم أعثر فيما رجعت إليه من كتب المفسرين وشراح الحديث والفقهاء وكل من تكلم في الروح ووقت نفخها من خرج عن ذلك التحديد. بل نقل غير واحد منهم إجماع العلماء على ذلك وعدم اختلافهم فيه؛ فقال القرطبي: (لم يختلف العلماء أن نفخ الروح في الجنين يكون بعد مائة وعشرين يوماً، وذلك تمام أربعة أشهر، ودخوله في الخامس - كما بيناه بالأحاديث - وعليه يعول فيما يحتاج إليه من الأحكام) (١)

وقال ابن عابدين: (نقل بعضهم أنه اتفق العلماء على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر، أي عقبها ... ولا ينافي في ذلك ظهور الخلق قبل ذلك، لأن نفخ الروح إنما يكون بعد الخلق) (٢)

وقال النووي: (واتفق العلماء على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر ... ) (٣)

وقال الأبي في شرحه على صحيح مسلم: (لم يختلف العلماء في أن النفخ يكون لتمام أربعة أشهر والدخول في الخامس، وذلك موجود بالمشاهدة وعليه يعول فيما تحتاج إليه الأحكام في الاستلحاق عند التنازع وفي وجوب النفقة على حمل المطلقة ٠٠٠) (٤)

وقال ابن رجب الحنبلي: (فأما نفخ الروح فقد روي صريحاً عن الصحابة رضي الله عنهم أنه إنما ينفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر كما دل عليه ظاهر حديث ابن مسعود) (٥)

ونقل ابن حجر القول باتفاق العلماء على أن نفخ الروح لا يقع إلا بعد أربعة أشهر عن أكثر من واحد: فنقل عن الفاضل علي بن المهذب قوله: (اتفق العلماء على أن نفخ الروح لا يقع إلا بعد أربعة أشهر) (٦) ٢وقال ابن حجر: (وحديث ابن مسعود بجميع طرقه يدل على أن الجنين يتقلب في مائة وعشرين يوماً في ثلاثة أطوار كل طور منها في أربعين، ثم بعد تكملتها ينفخ فيه الروح) (٧) وقال في موضع آخر: (ثم يكون للملك فيه تصور آخر وهو وقت نفخ الروح فيه حين يكمل له أربعة أشهر كما اتفق عليه العلماء أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر) . ونقل عن القاضي عياض في موضع آخر أنه قال: (اختلفت ألفاظ هذا الحديث في مواضع ولم يختلف في أن نفخ الروح فيه بعد مائة وعشرين يوماً، وذلك بعد تمام أربعة أشهر ودخوله في الخامس، وهذا موجود بالمشاهدة، وعليه يعول فيما يحتاج إليه من الأحكام) (٨)


(١) تفسير القرطبي: ١٢/ ٨.
(٢) الحاشية: ١/ ٣٠٢.
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم: ١٦/ ١٩١.
(٤) ٧/٧٥
(٥) جامع العلوم والحكم ص ٤٩، وانظره في ص ٤٦.
(٦) فتح الباري: ١١/ ٤٢٠.
(٧) فتح الباري: ١١ / ٤٢٢.
(٨) فتح الباري: ١١/٤٢٣، ٤٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>