للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول في موضع آخر: (وأما الروح التي تتوفى وتقبض فهي روح واحدة وهي النفس) (١)

ويقول تعقيباً على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها حين شاء)) : - (فهذه الروح المقبوضة هي النفس التي يتوفاها الله حين موتها وفي منامها، وهي التي يتوفاها ملك الموت ... وهي التي يجلس الملك عند رأس صاحبها ويخرجها من بدنه كرهاً، ويكفنها بكفن من الجنة أو النار، ويصعد بها إلى السماء، فتصلي عليها الملائكة أو تلعنها، وتوقف بين يدي ربها، فيقضي فيها أمره، ثم تعاد إلى الأرض، فتدخل بين الميت وأكفانه، فيسأل ويمتحن ويعاقب وينعم، وهي التي تجعل في أجواف الطير الخضر تأكل وتشرب من الجنة، وهي التي تعرض على النار غدواً وعشياً، وهي التي تؤمن وتكفر وتطيع وتعصي، وهي الأمارة بالسوء، وهي اللوامة، وهي المطمئنة إلى ربها وأمره وذكره، وهي التي تعذب وتنعم وتسعد وتشقى وتحبس وترسل وتصح وتسقم وتلذ وتألم وتخاف وتحزن ٠٠٠) (٢)

٣ – ويقول الفخر الرازي: (انه تعالى ذكر مراتب الخلقة الجسمانية فقال: {ولَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ} إلى قوله تعالى: {فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا} ، ولا شك أن جميع هذه المراتب اختلافات واقعة في الأحوال الجسمانية. ثم إنه تعالى لما أراد أن يذكر نفخ الروح قال: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ} ، وهذا تصريح بأن ما يتعلق بالروح جنس مغاير لما سبق ذكره من التغيرات الواقعة في الأحوال الجسمانية، وذلك يدل على أن الروح شيء مغاير للبدن ٠٠٠) (٣)

وقال في موضع آخر: (واعلم أن الأحاديث الواردة في صفة الأرواح قبل تعلقها بالأجساد وبعد انفصالها من الأجساد كثيرة، وكل ذلك يدل على أن النفس شيء غير هذا الجسد، والعجب ممن يقرأ الآيات الكثيرة الواردة في النفس، ويروي تلك الأخبار الكثيرة في صفات الأرواح ثم يقول: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان يعرف الروح، وهذا من العجائب والله أعلم) (٤) وساق في موضع آخر عدة حجج عقلية على وجود الروح وتميزها عن البدن (٥)


(١) كتاب الروح ص ٢٩٣.
(٢) كتاب الروح ص ٢٠٥.
(٣) التفسير الكبير ٢١/ ٥١.
(٤) تفسير الكبير ٥٢/٢١ (بتصرف بسيط لملائمة السياق) .
(٥) تفسير الكبير ٤٥/٢١ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>