للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - ويقول ابن رشد الجد: (أكثر أهل العلم، أن الروح والنفس اسمان لشيء واحد ... والمراد به ما يحيا به الجسم، وهو الذي يتوفاه ملك الموت ويقبضه فيدفعه إلى ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب ... وإنما قلنا إنه ما يحيا به الجسم ولم نقل: إنه الحياة الموجودة بالجسم؛ لأن الحياة الموجودة معنى من المعاني، والمعاني لا تقوم بأنفسها، ولا يصح عليها ما وصف الله تبارك وتعالى به الأنفس والأرواح في كتابه وعلى لسان رسوله من القبض والإخراج والرجوع والطمأنينة والصعود والتنعيم والتعذيب. فمعنى قولنا: ما يحيا به الجسم، أي ما أجرى الله تعالى بأن يحيا الجسم بكونه ويميته بإخراجه منه) (١) ٥ – وقال الفراء: (الروح هو الذي يعيش به الإنسان) ، وقال ابن الأثير: (وقد تكرر ذكر الروح في الحديث كما تكرر في القرآن ووردت فيه على معان، والغالب منها أن المراد بالروح الذي يقوم به الجسد وتكون به الحياة) (٢) وقال الفيومي: (مذهب أهل السنة أن الروح هي النفس الناطقة المستعدة للبيان وفهم الخطاب، ولا تفنى بفناء الجسد، وأنه جوهر لاعرض؛ ويشهد لهذا قوله تعالى: {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} ، والمراد هذه الأرواح) (٣)

٦ - وقال الكفوي: (الروح ما به حياة البدن، والأرواح عندنا أجسام لطيفة غير مادية خلافاً للفلاسفة، فإذا كان الروح غير مادي كان لطيفاً نورانياً غير قابل للانحلال سارياً في الأعضاء للطافته، وكان حيا بالذات؛ لأنه عالم قادر على تحريك البدن. وقد ألف الله بين الروح والنفس الحيوانية وجعل بينهما تعاشقاً، فما دام الروح في البدن كان البدن بسببه حياً ... وان فارقه بالكلية فالبدن ميت. ٠٠) (٤)

٧ - ويقول عضد الدين الإيجي: (تعلق النفس بالبدن ليس تعلقاً ضعيفاً يسهل زواله بأدنى سبب مع بقاء المتعلق بحاله كتعلق الجسم بمكانه، وإلا تمكنت النفس من مفارقة البدن بمجرد المشيئة من غير حاجة إلى أمر آخر. وليس أيضاً تعلقاً في غاية القوة بحيث إذا زال التعلق بطل المتعلق مثل تعلق الأعراض والصور المادية بمحالها، لما عرفت أنها متجردة بذاتها غنية عما تحل فيه، بل هو تعلق متوسط ... ومن ثم قيل: هو تعلق العاشق بالمعشوق عشقاً جبلياً إلهامياً، فلا ينقطع ما دام البدن صالحاً لأن تعلق به النفس؛ ألا يرى أنها تحبه ولا تمد مع طول الصحبة وتكره مفارقته؛ وذلك لتوقف كمالاتها ولذاتها العقلية والحسية عليه ٠٠٠) (٥)


(١) المقدمات الممهدات ١/ ١٧٠.
(٢) لسان العرب - مادة روح.
(٣) المصباح المنير - مادة روح.
(٤) الكليات ٢/ ٣٧٤، ٣٧٥.
(٥) المواقف ٧/ ٢٥٣، ٢٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>