للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الثاني – القبض الحكمي " التخلية ":

الدين الإسلامي قوام الدنيا والآخرة وكل تجربة للبعد عنه بحجة المسايرة للزمن لا تنشأ إلا عن خفة في الرأي وقلة نظر في العاقبة، ومصدرها خصوم الإسلام، وضعف العقيدة، أو الانحراف بها، والزيغ عنها، وهذا هو الأصل في تقبل البسطاء من المسلمين لبعض التجارب الوافدة، ومن أخطرها العمل على الفصل بين أحكام الشريعة الإسلامية وبين المعاملات والتظاهر باحترام العبادات وأحكام الأسرة، فهبط فهم المسلمين لدينهم حتى ظنوا أن من يقوم بالعبادات مبتعدًا عن هدي الشريعة في المعاملات والجنايات ومسلم. ولا شك ولا ريب، أن الإسلام كل لا يتجزأ، نظم للبشرية ما يصلح دينها ودنياها، فأرسى قواعدها العامة، ودعائمها الأساسية، وترك للناس حرية الاختيار المبني على الاجتهاد المستمدة مبادؤه من الأصول العامة للشريعة والأمر المهم في المعاملات المالية التي كثرت في هذا العصر، واشتبكت في كثير من أمورها هو أن نبحث في أي معاملة عصرية ونحدد نوعها وإلى أي عقد تنتمي هذه المعاملة، والأحكام المتعلقة بها، فالحلال بيّن، والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، ولذا روي أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يمنع التجار من دخول السوق إلا إذا علموا فقه المعاملات التي يزاولونها، وذلك خوفًا من الدخول في الربا، فعلى هذا يجب بحث الأمور المشتبهة ودراستها دراسة متأنية مبنية على الأسس والمبادئ التي رسمها سلفنا الصالح، وعندما يتضح الأمر فيها يعمل به وإلا تركت حتى يتضح الأمر فيها وينجلي ولا شك أن مبحث القبض الحكمي من أهم الأمور التي تحتاج إلى بحث لما له من علاقة قوية بالضمان وجواز التصرف والربا، ففتح الباب للبحث فيه من أهم الأمور التي ينبغي أن يضطلع بها المجمع وما وجد من زلل أو خطأ سيجد التصحيح والتقييد من العلماء المجتهدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>