للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا أمعن النظر في التعريفات السابقة وما قاله أهل العلم عند الكلام عليها أمكن تقسميه إلى قسمين: (١) .

القسم الأول: القبض الحقيقى، أو الحسي.

القسم الثاني: القبض الحكمي.

وحيث إن أول ما يتبادر إلى الذهن هو القبض الحقيقى وهو القبض التام فسأتكلم عنه بإيجاز، مبينًا كيفيته في الأموال منقولها وغيره، والأساس الذي اعتبره الفقهاء قبضًا في كل ما ذكروه.

أولا - القبض في المنقول:

قبل البدء في بيان كيفية القبض في المنقول يحسن تعريفه، وقد عرف بتعريفات من أوضحها وأدلها على المقصود ما ذكره الباز بقوله: " هو الشيء الذي يمكن نقله من محل إلى آخر فيشمل النقود والعروض والحيوانات والمكيلات والموزونات والأرض والشجر إن لم يكونا تبعًا للأرض " (٢) .

أما كيفية قبضه فهي تختلف بحسب طبيعة الأشياء، وبحسب أحوال الناس في العصور المختلفة، والبيئات المتباينة، وطبيعة المعاملات، وكما هو معلوم فإن كل ما ورد في الشرع مطلقًا ولم يرد فيه ولا في اللغة ما يقيده يرجع في تحديده إلى العرف، وفي هذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية " الأسماء تعرف حدودها تارة بالشرع: كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وتارة بالغة: كالشمس والقمر، والبر والبحر، وتارة بالعرف: كالقبض، والتفرق، وكذلك العقود كالبيع، والإجارة، والنكاح، والهبة، وغير ذلك (٣) فما ورد له كيفية شرعية في قبضه يرجع إليها، وما ليس كذلك فيرجع إلى ما تعارف عليه الناس، وتكاد تتفق عبارات الفقهاء على أن المكيلات قبضها بكليها، والموزونات بوزنها، والمذروعات بذرعها، والمعدودات بعدها، وما ينقل بنقله، وما يتناول كالجواهر والأثمان بتناوله، والحيوان بتمشيته من مكانه، إذا العرف في كل ذلك ما ذكر، ولعل من المناسب التمييز بين المكيلات والموزونات بما ذكره البهوتي حيث قال: " ومرجع الوزن لعرف مكة زمن النبى صلى الله عليه وسلم لما روى عبد الملك بن عمير عن النبى صلى الله عليه وسلم ((المكيال مكيال المدينة، والميزان ميزان مكة)) (٤) .


(١) الرصاع شرح الحدود: ص ٢٤٨.
(٢) الباز، شرح المجلة: ص ٧٠، التفصيل بين الشجر التابع للأرض وغير التابع لها عند الحنفية فقط حيث عدوا الأول من غير المنقول والثاني من المنقول، أما الجمهور فيرون أن الشجر غير منقول.
(٣) ابن تيمية، الفتاوي: ٢٩/٤٤٨، وانظر رؤوس المسائل: ص ١١١.
(٤) أبو داود، السنن: ٣/ ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>