للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولًا – الرهن:

اختلف الفقهاء في أثر القبض في الرهن على أربعة آراء:

الرأي الأول: يرى أن الرهن لا يصح ولا يجوز إلا بالقبض. وهذا ما ذهب إليه الظاهرية حيث قال ابن حزم: " ولا يجوز الرهن إلا مقبوضًا في نفس العقد" (١) ، وبه قال زفر، وعلى هذا يكون القبض ركنًا (٢) .

الرأي الثاني: يرى أن الرهن يتم ويلزم بمجرد العقد، ثم يجبر الراهن على الإِقباض إلا أن يتراخى المرتهن عن المطالبة حتى يفلس الراهن، أو يمرض، أو يموت، وهذا ما ذهب إليه المالكية وأحمد في رواية، وعلى هذا فالقبض شرط للتمام فقط (٣) .

الرأي الثالث: يرى أن الرهن ينعقد بالعقد، لكنه لا يصبح لازمًا إلا بالقبض، حيث يكون له حق الرجوع قبل القبض، وهذا رأي الحنفية – ما عدا زفر – والشافعية، والحنابلة على الراجح عندهم (٤) .

الرأي الرابع: التفرقة بين ما كان مكيلًا أو موزونًا، وبين غيره، حيث ذهب بعض أصحاب أحمد إلى أن ما كان مكيلًا أو موزونًا لا يلزم رهنه إلا بالقبض، وفيما عداهما روايتان: إحداهما لا يلزم إلا بالقبض، والأخرى: يلزم بمجرد العقد كالبيع.

وقد حرر ابن رشد النزاع في اللزوم وعدمه، حيث قال: "فأما القبض فاتفقوا بالجملة على أنه شرط في الرهن ... واختلفوا هل هو شرط تمام أو شرط صحة؟ ..." (٥) .


(١) المحلى لابن حزم ط. مكتبة الجمهورية العربية: ٨/٤٨١.
(٢) بدائع الصنائع، ط. زكريا علي يوسف: ٨/٣٧٢٠.
(٣) بداية المجتهد، ط. مصطفى الحلبي: ٢/٢٧٤، والمغني: ٤/٣٦٤.
(٤) بدائع الصنائع: ٨/٣٧٢٠، وحاشية ابن عابدين ط. دار إحياء التراث العربي: ٥/٣٠٨، والروضة: ٤/٦٥، وفتح العزيز: ١٠/٦٢، حيث ذكر أنه ركن للزوم العقد.
(٥) بداية المجتهد: ٢/٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>