للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثر القبض في العقود الصحيحة:

ليس العقود بالنسبة للقبض على سنن واحدة، فهناك بعض العقود يكون القبض شرطًا لصحتها، وبعضها يكون القبض شرطًا للزومها، ولاستقرارها، وبعضها يلزم ويستقر دون القبض، ولذلك نجد الفقهاء يقسمون العقود باعتبار اشتراط القبض إلى أربعة أقسام:

* القسم الأول: ما لا يشترط فيها القبض، لا في صحته، ولا في لزومه، ولا في استقراره مثل النكاح، والحوالة، والوكالة، والوصية، والجعالة.

* القسم الثاني: ما يشترط القبض في صحته مثل الصرف وبيع الأموال الربوية بعضها ببعض سواء كانا متحدي الجنس، أو مختلفين، وذلك للحديث الصحيح المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل ولا تشفوا بعضًا على بعض ... ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز)) ، وفي حديث صحيح آخر: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، إلا سواءً بسواء عينًا بعين، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد)) . (١) .

وقد توقف الظاهرية عند هذه الأنواع الستة ولم يقس عليها غيرها في حين ذهب جمهور الفقهاء إلى قياس بعض الأنواع عليها لكنهم اختلفوا في العلة الجامعة المؤثرة هل هي الطعم، أو الاقتيات، أو كون الشيء مكيلًا أو موزونًا ... مع اتحاد الجنس؟ (٢) .

فهذه الأنواع الستة وما يقاس عليها لا يجوز بيع بعضها ببعض – سواء كانا متحدين في الجنس، أو مختلفين – إلا مع قبض البدلين في المجلس، وإذا لم يتم القبض فقد بطل العقد أو فسد بالاتفاق (٣) .

وكذلك يجب تسليم الثمن (رأس مال السلم) في مجلس العقد عند جمهور الفقهاء، خلافًا للمالكية حيث أجاز أكثرهم تأخيره إلى ثلاثة أيام ما دام لم يشترط في العقد، أما إذا اشترط التأخير في العقد فقد فسد العقد بالاتفاق (٤)

* القسم الثالث: ما يشترط القبض في لزومه كالرهن والهبة عند جمهور الفقهاء.


(١) وقد وردت أحاديث كثيرة في هذا الموضوع فراجعها في صحيح البخاري – مع الفتح – كتاب البيوع: ٤/٣٧٧ – ٣٨٤، ومسلم، المساقاة: ٣/١٢٠٨- ١٢١٩، ومسند الشافعي: ص ٤٨، وأحمد: ٣/٤، ٥/٤٩، والمستدرك: ٢/٤٣، وسنن أبي داود – مع العون -: ٩/١٨٩، وابن ماجه: ٢/٧٥٧، والترمذي: ١/٢٣٣، والنسائي: ٧/٢٤٠، والسنن الكبرى: ٥/٢٧٦.
(٢) يراجع: فتح القدير: ٥/٢٧٤، وبدائع الصنائع: ٧/٣١١٥، والبحر الرائق: ٦/١٣٧، والدر المختار: ٥/١٧١، والدسوقي على الشرح الكبير: ٣/٤٧، وبداية المجتهد: ٢/١٣، والروضة: ٣/٣٧٧، ونهاية المحتاج: ٤/٤٢٨، والمغني لابن قدامة: ٤/٣-٨.
(٣) يراجع: فتح القدير: ٥/٢٧٤، وبدائع الصنائع: ٧/٣١١٥، والبحر الرائق: ٦/١٣٧، والدر المختار: ٥/١٧١، والدسوقي على الشرح الكبير: ٣/٤٧، وبداية المجتهد: ٢/١٣، والروضة: ٣/٣٧٧، ونهاية المحتاج: ٤/٤٢٨، والمغني لابن قدامة: ٤/٣-٨.
(٤) شرح الخرشي: ٥/٢٠٣، وبلغة السالك: ٢/٥٣٨، وتراجع حاشية ابن عابدين: ٤/٢٠٨، والغاية القصوى: ١/٤٩٧، والمغني لابن قدامة: ٤/٣٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>