للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتحاد القابض والمقبض:

ومما يتعلق بهذا الموضوع ما أثاره الفقهاء حول مدى إمكانية اتحاد القابض والمقبض، أو بعبارة أخرى هل يمكن أن يقوم بهذا الدور شخص واحد؟

الذي يفهم من نصوصهم أن الأصل هو اشتراط الاختلاف وعدم اتحادهما، ولكنه مع ذلك توجد عدة استثناءات في هذا الباب.

يقول الزركشي: - يمتنع – أي اتحاد القابض والمقبض – إلا في صور:

١- الوالد يتولى طرفي القبض في البيع وفي النكاح إذ أصدق في ذمته، أو في مال ولد ولده لبنت ابنه.

٢- وفي صورة الخلع إذا خالعها على طعام في ذمتها بصفة السلم وأذن لها في صرفه لولده منها فصرفته له من غير توسط قبض صاحب المال، فإنها تبرأ إلا في احتمال لابن الصباغ من اتحاد القابض والمقبض.

٣- ونقل الجوري – أي القاضي أبو الحسن الجوري – عن الشافعي: " أن الساعي يأخذ من نفسه لنفسه، وقد يستشكل ذلك لأن قسمة المال المشترك لا يستقل به أحد الشريكين حتى يحضر الآخر، أو يرفع الأمر إلى القاضي إلا أن يعتذر بأنه أمين من جهة الشرع ".

٤- وكذلك من وجب عليه كفارة يمين فقال لغيره،: أطعم عني عشرة مساكين فأطعم يسقط الفرض عنه وإن كانت الهبة لا بد فيها من القبض ويجعل قبض المساكين كقبضه.

٥- إذا وكل الموهوب له الغاصب، أو المستعير، أو المستأجر في قبض ما في يده من نفسه وقبل صح، وإذا مضت مدة يتأتى فيها القبض برئ الغاصب والمستعير من الضمان.

٦- لو أجر دارًا بدراهم معلومة، ثم أذن المؤجر للمستأجر في صرفها في العمارة فإنه يجوز.

٧- لو كان له في ذمة شخص مال فأذن له في إسلامه في كذا قال ابن سريج يصح والمذهب المنع ... (١) .

وقد ذكر السيوطي السبب في أن الأصل عدم اتحاد القابض والمقبض وهو أنه إذا كان قابضًا لنفسه احتاط لها، وإذا كان مقبضًا وجب عليه وفاء الحق من غير زيادة، فلما تخالف الغرضان والطباع مجبولة على الأثرة وحب مصالح النفس ... امتنع الجمع كقاعدة عامة (٢) .

ثم ذكر مسائل أخرى خلافية منها: ما لو امتنع المشتري من قبض المبيع ناب عنه القاضي، فإن فقد، ففي وجه – أي للشافعية – أن البائع يقبض من نفسه للمشتري فيكون قابضًا ومقبضًا، فعلى ضوء هذا الوجه يصبح المعقود عليه بعد ذلك أمانة في يدي البائع، ولكن المشهور في المذهب أنه من ضمان البائع كما كان، فحينئذ لا يعتد بهذا القبض (٣) .


(١) المنشور في القواعد: ١/٨٩-٩٠، ويراجع الأشباه للسيوطي: ص ٣٠٦.
(٢) الأشباه: ص ٣٠٦، وراجع: الغاية القصوى: ١/٤٨٤.
(٣) الأشباه: ص ٣٠٦، وراجع: الغاية القصوى: ١/٤٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>