للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- المستفيد المصدّر.

والذي يهمنا في هذه القضية أن المصرف إذا دخل كوكيل فإن تسلمه البضاعة عن طريقه مصحوبة بكافة سندات الشحن يعتبر قبضًا، وهذه الحالة إنما تتم في الغالب حينما يكون الاعتماد المستندي مغطى غطاء كليًّا.

وكذلك يعتبر تسلمه البضاعة – مع توفر الشروط – قبضًا إذا دخل كشريك في الصفقة، وهذا يتم في الغالب عندما يكون الاعتماد المستندي مغطي غطاء جزئيًّا.

أما إذا دخل البنك كمرابح (بيع المرابحة) فحينئذٍ يكون قبضه للبضاعة قبضًا للبنك، ولا يتم القبض للعميل إلا إذا وصلت البضاعة إلى الميناء المطلوب، ويتم العقد بينهما، ثم يراها، ويخلي بينه وبينها حسب العرف التجاري، وحينئذ يتم القبض.

وأما القبض في النقود في عصرنا الحاضر فلا بد أن يتم فيه القبض في المجلس، لأن الإِجماع على ذلك قائم، يقول ابن المنذر: "وأجمعوا: أن المتصارفين إذا تفرقا قبل أن يتقابضا أن الصرف فاسد" (١) وقد ذكرنا أن الجمهور لم يشترطوا الفورية، بل قيدوا التقابض بالمجلس سواء طال أم قصر، في حين أن المالكية اشترطوا الفورية، وقد رجحنا مذهب الجمهور.

وإذا كان هذا محل إجماع لا ينبغي أن يمس، فإن العرف يمكن أن يتحكم في بعض صور القبض المعاصرة فيحكم عليها بالقبض ولذلك سنلقي بصيصًا من الضوء على كيفية الصرف في البنوك مع بيان حكم كل نوع منها.

فالبنوك (أو محلات الصرافة) إما أن تتعامل بالنقود مناجزة حالَّة حيث يدفع العميل النقود التي يريد بيعها، ويأخذ في مقابلها العملة التي يريدها، فهذا لا إشكال فيه ما دام التقابض قد تم في مجلس العقد حتى وإن طال المجلس – كما سبق -.

وإما أن تتعامل معه على غير هذه الصورة، وحينئذ تكون أمامنا الصور الآتية:

١- يدفع العميل للمصرف الإسلامي مبلغًا من النقود على أن يسجله في حسابه الجاري، أو الاستثماري (المضاربة، أو الشركة) فيقبله المصرف، وبذلك يصبح المصرف مدينًا في حالة تسجيله في حسابه الجاري، ومضاربًا، أو شريكًا في حالة المضاربة أو المشاركة.


(١) الإِجماع لابن المنذر: تحقيق د. فؤاد عبد المنعم، ط. دار الدعوة ص ٩٢، ويراجع تكملة المجموع لابن السبكي: ١٠/٦٩، والمغني ٤/١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>