للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الضابطة تسهل كثيرًا من صور القبض المعاصرة ما دامت لا تتعارض مع نصوص الشريعة الثابتة الواضحة.

وعلى ضوء ذلك نقول: إن عملية القبض (التسلم والتسليم) في عصرنا الحاضر ليست في جميع صورها حديثة، بل إن كثيرًا من صورها لا تزال باقية، مثل قبض العقار سواء كان أرضًا أم بناء، وكذلك قبض الأشياء التي لا يمكن نقلها دون تغيير في شكلها كالمصانع فهذه الأمور لا يختلف فيها القبض في عصرنا عما كانت عليه في السابق، فيكون قبضها بالتخلية كما قال فقهاؤنا الكرام.

وأما المنقولات فهذه التي يمكن الاختلاف فيها حسب العصور والأزمان، حيث جدّت معاملات حديثة، وتطورت كيفية القبض، ولا سيما في نطاق السلع والنقود (الصرف) .

فعلى نطاق السلع الحاضرة أو التي رآها المشتري سابقًا يتم فيها القبض بعد العقد بمجرد التخلية ما عدا الطعام حيث لا يجوز بيعه إلا بعد نقله، أو كيله أو وزنه – كما سبق -، ويعتبر تسليم البضاعة وإدخالها في السفينة، أو الطيارة، أو السيارة بعد إرسال (بوليصة الشحن) تخلية وقبضًا.

وأما السلع الغائبة فإما أن يتم العقد فيها بين المستورد والمصدر مباشرة، وذلك بأن يبعث المستورد طلبًا بالبضاعة ومواصفاتها المطلوبة، ويوافق عليها المصدر، ثم يبعثها عن طريق البر، أو البحر، أو الجو، ففي هذه الحالة فإن العقد لا يلزم إلا بعد وصول البضاعة إلى المشتري ومطابقتها للمواصفات المذكورة في العقد، وحينئذ لا يتم القبض فيها إلا بعد وصولها والتأكد من التطابق (١) ، ولا يخفى أن رؤية الوكيل البضاعة مثل رؤية الموكل، ومن المعلوم فقهًا أن رؤية البعض قد تغنى عن رؤية الكل.


(١) يراجع في أحكام البيع الغائب: المجموع للنووي: ٩/٢٨٨-٣٠٧، وبدائع الصنائع: ٦/٣٠٥٣، والفواكه الدواني: ٢/١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>