للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعقود عليه في يد المشتري:

وهذه المسائل كلها مترتبة على أن المعقود عليه في يد البائع، أما لو كان في يد المشتري وقت العقد فهل يصبح قابضًا بمجرد العقد، أم يحتاج فيه إلى تجديد القبض؟

يقول العلامة الكاساني: "فالأصل فيه أن الموجود وقت العقد إن كان مثل المستحق بالعقد ينوب منابه، وإن لم يكن مثله أمكن تحقيق التناوب، لأن المتماثلين غيران ينوب كل واحد منهما مناب صاحبه ويسد مسدّه، وإن كان أقوى منه يوجد فيه المستحق وزيادة، وإن كان دونه لا يوجد فيه إلا بعض المستحق فلا ينوب عن كله".

ثم فصل ذلك في مسائل لخصها في أن يد المشتري قبل الشراء إما أن تكون يد ضمان، وإما أن تكون يد أمانة.

فإذا كانت يد المشتري قبل الشراء يد الضمان بنفسه مثل إن كان غاصبًا له ثم اشتراه منه فإنه يصير قابضًا للمبيع بالعقد نفسه، دون الحاجة إلى تجديد القبض: سواء أكان المبيع حاضرًا أو غائبًا، لأن المغصوب مضمون بنفسه، والمبيع بعد القبض مضمون بنفسه فتجانس القبضان، فناب أحدهما عن الأخر.

أما إذا كانت يده يد الضمان لغيره كيد المرتهن، مثل إن باع الراهن المرهون للمرتهن فإنه لا يصير قابضًا إلا أن يكون الرهن حاضرًا، أو يذهب إلى حيث الرهن ويتمكن من قبضه، لأن المرهون ليس مضمونًا بنفسه بل بغيره وهو الدين، والمبيع مضمون بنفسه فلم يتجانس القبضان فلم يتشابها فلا ينوب أحدهما عن الآخر، ولأن الرهن أمانة في الحقيقة فكان قبضه قبض أمانة، وإنما يسقط الدين بهلاكه لمعنى آخر، لا لكونه مضمونًا، وحينئذ لا يكون قبض الأمانة كافيًا في قبض الضمان الذي يتم بقبض المبيع بصفة البيع (١) .


(١) بدائع الصنائع: ٧/ ٣٢٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>