للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك يعتبر بمثابة القبض كل تصرف من قِبَل المشتري يؤدي إلى تعييب المعقود عليه، أو نقصه سواء بقطع جزء منه أو نحو ذلك، لأن هذه الأفعال تدل على التمكين أكثر من التخلية.

وكذلك لو فعل البائع، أو غيره ذلك بإذن المشتري، أو أمره. ويعتبر قبضًا ما إذا جنى شخص على المبيع فاختار المشتري اتباع الجاني بالضمان حيث يكون اختياره بمنزلة القبض عند أبي يوسف، وكذلك لو استبدل المشتري الضمان ليأخذ مكانه من الجاني شيئًا آخر عنده، وكذلك عند أبي يوسف إذا كان المبيع مصوغًا من فضة اشتراها بدينار مثلًا فاستهلك المصوغ أجنبي قبل القبض فاختار المشتري أن يتبع الجاني بالضمان، ونقد الدينار البائع فافترقا قبل قبض ضمان المستهلك لا يبطل الصرف بينهما عند أبي يوسف، لأن اختياره تضمين المستهلك بمنزلة القبض، وعند محمد يبطل الصرف لعدم القبض، وعلى هذا يخرج ما إذا أسلم في قفيز حنطة، فلما حل الأجل أمر رب السلم المسلم إليه أن يكيله في وعاء المسلم إليه أو دفع إليه وعاءه وأمره أن يكيله فيها ففعل فذلك قبض ما دام رب السلم حاضرًا، وإذا لم يكن حاضرًا فلا يصير قابضًا، لأن حقه في الدين وليس في العين (١) .

وذكر الحنفية مسائل جزئية وفرعية أخرى:

منها: ما لو باع قطنًا في فراش، أو حنطة في سنبل، وسلم كذلك فإن أمكن المشتري قبض القطن، أو الحنطة من غير فتق الفراش، أو دق السنبل صار قابضًا له لحصول معنى القبض، وهو التخلي والتمكن من التصرف، وإن لم يمكنه إلا بالفتق والدق لم يصر قابضًا له، لأنه لا يملك الفتق أو الدق، لأنه تصرف في ملك البائع، وهو لا يملك التصرف في ملكه فلم يحصل التمكن والتخلي فلا يصير قابضًا، ولذلك تقع أجرة الفتق والدق على البائع إذا كان المشتري لا يمكنه القبض إلا به.

ومنها: ما لو باع الثمرة على الشجرة وخلى بين المشتري وبينها صار قابضًا، لأنه يمكن الجذاذ من غير تصرف في ملك البائع فحصل التخلي بتسليم الشجر فكان قبضًا، ولذلك تقع أجرة الجذاذ على المشتري (٢) .


(١) بدائع الصنائع: ٧/٣٢٥٤، ٣٢٥٧.
(٢) بدائع الصنائع: ٧/٣٢٥٤، ٣٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>