للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجهة نظر الصاحبين أن العددي ليس من أموال الربا كالمذروع، ولهذا لم تكن المساواة فيها شرطًا لجواز العقد، كما لا تشترط في المذروعات، فكان حكمه حكم المذروع (١) .

٢- كون التخلية قبضًا ناقصًا فيما له مثل لكنه بيع مكايلة، أو موازنة في المكيل والموزون، حيث لا يجوز للمشتري أن يبيعه قبل الكيل والوزن، وكذا لو اكتاله المشتري، أو اتزنه من بائعه ثم باعه مكايلة أو موازنة من غيره لم يحل للمشترى منه أن يبيعه، أو ينتفع به حتى يكيله أو يزنه، ولا يكتفي باكتيال البائع أو اتزانه من بائعه وإن كان ذلك بحضرة هذا المشتري.

غير أن الحنفية اختلفوا في علة حرمة البيع قبل الكيل أو الوزن، فذهب بعضهم إلى أن العلة انعدام القبض بانعدام الكيل أو الوزن، وذهب آخرون بأن السبب هو وجود النص الدال على ذلك فقط، لأنه غير معقول المعنى مع حصول القبض بتمامه بالتخلية حيث إن معنى التسليم والتسلم يحصل بالتخلية، لأن المشترى يصير سالمًا خالصًا للمشتري على وجه يتهيأ له تقليبه، والتصرف فيه على حسب مشيئته وإرادته (٢) .

غير أن الحنفية صرحوا بأنه لو كاله البائع، أو وزنه بحضرة المشتري كان ذلك كافيًا ولا يحتاج إلى إعادة الكيل، لأن المقصود يحصل بكيله مرة واحدة بحضرة المشتري (٣) .

وبالإضافة إلى كون التخلية قبضًا فإن هناك أمورًا أخرى تعتبر بمثابة القبض من حيث الحكم عند الحنفية، وهي أن يكون المبيع لا يزال في يد البائع ولم يمكن من القبض أيضًا لكن المشتري يقوم بإتلافه، فيعتبر هذا الإِتلاف من قبله قبضًا، يقول الكاساني: لأن التخلية تمكين من التصرف في المبيع، والإِتلاف تصرف فيه حقيقة، والتمكين من التصرف دون حقيقة التصرف (٤) .


(١) بدائع الصنائع: ٧/٣٢٥٠ -٣٢٥٢.
(٢) بدائع الصنائع: ٧/٣٢٥٠ -٣٢٥٢.
(٣) بدائع الصنائع: ٧/٣٢٥٠ -٣٢٥٢.
(٤) بدائع الصنائع: ٧/٣٢٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>