للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر الوالد رحمه الله في البحث الرابع من الباب الثاني في مستند الحكم التي هي يمين أو إقرار وإبراء أو إسقاط أو التزام أو شهادة، فذكر في هذا البحث أقسام الأيمان الأربعة: يمين التهمة، ويمين القضاء ويمين الإنكار، ويمين متممة للنصاب، فذكر أن يمين التهمة تكون في الدعوى التي لا تتحقق على المدعى عليه، وتتوجه على المتهم وغيره على ما جرى به العمل بتونس على ما قاله ابن ناجي ونقله عظوم في البرنامج ونظمه صاحب العمل المطلق، فقال وبتوجه يمين التهمة، جرى القضاء من أهل أفريقية، أي مطلقًا وأنها لا تنقلب بقلب أو نكول من بها طلب، ثم نقل عن شارح العمليات قوله: وانظر هل ما ذكر من عمل أفريقية كان عامًّا عندهم حتى في التهمة التي في دعواها معرة أو خاصا بغيرها، ثم التهمة التي تلحق في دعواها معرة كالاتهام بالسرقة والغصب لا تلحق من لا تليق به ممن شهد فيه بالخير وإن التهمة في غير ذلك تلحق اليمين فيها جميع الناس برهم وفاجرهم على القول بإيجاب يمين التهمة، وهو المشهور في المذهب وبه القضاء وعليه العمل، ثم نقل عن عظوم في برنامجه في مبحث الصداق وتوجهها مشروط بشرطين: الأول ما قاله ابن ناجي أن التهمة إنما تتقرر بلفظ يقتضيها كقوله: أشك فيك أو أتهمك لقوله فيها: أخاف، الثاني ما قاله الشيخ أبو عبد الله المقري الجماعة بفاس صاحب القواعد في المسألة الثانية من القاعدة السابعة من قواعد الدعاوي والشهادات أن العدواة بين المتداعيين تمنع توجه يمين أحدهما في دعوى الآخر عليه، لنه يقصد إضراره بتوجيه اليمين عليه ونصه: إذا دفع الدعوى بعداوة المشهور أنه لا يحلف لأن الدعوة مقتضاها الإضرار بالتحليف، وقيل يحلف بطاهر الخبز ونحوه في تاسعة أعلام الرفاق للشيخ الجد رحمه الله، ثم ذكر الشيخ الوالد أن المتهم لا يحلف بما ضاع أو سرق حتى يحلف المدعي يمين الضياع أو السرقة، لقد ضاع الشيء الفلاني المدعى ضياعه وحينئذٍ يحلف المدعى عليه، هذا إذا أنكر المتهم أن يكون قد ضاع له شيء وإنما يريد أن يحرجه باليمين وبهذا كان يحكم أبو بكر بن زرب ويقول: إنها من دقيق المسائل، وقد نقله ابن فرحون في التبصرة في الباب الثامن والعشرين، وإذا نكل المتهم عن اليمين غرم بمجرد نكوله ولا يطلب المدعي بالحلف على ما ادعى هذا قول ابن الحكم وابن حبيب وهو الذي جرى به العمل، ونقل أبو عمر بن المكوى عن مالك: أن يمين التهمة لا ترد، فإن أبى المتهم ونكل عنها حبس أبدًا حتى يحلف، ذكره الونشريسي في أول نوازل الدعاوى من المعيار ولكون النكول عن يمين التعمة موجبا للغرم لم تتوجه يمين التهمة على الصغير ولا السفيه، أما الأول: فلرفع القلم عنه، وأما الثاني: فإنه لو أقر لم يلزمه ما أقر به لأنه محجور عليه في المال انظر حاشية مهدي على الزقاقية قبيل قولها كمن غاب والأقوال أربعة (١) والعلاقة بين ما جرى به العمل وبين العرف علاقة وثيقة بحيث لا يكاد يظهر فرق ملموس بينهما، إذ العمل ما هو إلا عرف في شكله المتطور وإن الفقهاء كثيرًا ما يذكرون العرف مصاحبًا للعمل ومرادفًا له.


(١) الطريقة المرضية في الإجراءات الشرعية، للشيخ محمد العزيز جعيط: ص ٨٦- ٨٨

<<  <  ج: ص:  >  >>