للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما جرى على العرف والعادة مسألة الخلطة بالأصل أن البينة على المدعي واليمين على ما أنكر إذا ثبت بين المدعي والمدعى عليه خطلة، وقد خالف فقهاء الأندلس والمغاربة مذهب مالك والمشهور من المذهب أن المدعى عليه إذا أنكر لا يمين عليه حتى تثبت الخلطة بين وبيه المدعي صرح بذلك ابن أبي زيد القيرواني، فقال: ولا يمين حتى تثبت الخلطة أو الظنة (١) ، ولكن العمل جرى بقول ابن نافع القائل لا أدري ما الخلطة ولا أراها ولا أقول بها، وأرى الأيمان واجبة للمسلمين عامة بعضهم على بعض لحديث البينة على المدعي واليمين على من أنكر، قال ابن رشد: مذهب مالك وكافة أصحابه الحكم بالخلطة وبقول ابن نافع قال الأندلسيون واستمر عليه العمل بأفريقية، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وغيرهما.

وذكر ابن عبد البر أن الأندلسيين لم يفصلوا بين الناس في توجيه اليمين، فقال: المعمول عندنا أن من عرف بمعاملة الناس مثل التجار فاليمين عليه لمن ادعى معاملته، ومن كان بخلافه مثل المرأة المستورة المحتجبة والرجل المستور المنقبض عن مداخلة المدعي وملابسته فلا يجب عليه اليمين إلا بالخلطة (٢) وقد صوب التسولي رأي ابن عبد البر، فقال: إن هذا هو الصواب في هذا الزمان القليل الخير، ولقد شاهدنا غالب سفلة الناس يدعي بدعاوي على العموم بالخير والعدل مع بعده عنه وعدم مخالطة أمثاله وملابستهم وليس غرضه إلا الازدراء به وحط مرتبته حتى صار الدهلة يلقنون السفلة ذلك وربما ادعوا عليه بالتهمة بما فيه معرة كالسرقة والغصب ونحوهما لسماعهم أن يمين التهمة تتوجه مطلقًا على المشهور المعمول به فينبغي لمن راقب الله أن لا يمكنهم من تحليفه بما يدعى عليه من المعاملة في الغرض المذكور (٣) .


(١) شرح الزقاقية لعمر الفاسي: ٢ /٢٩٩
(٢) حاشية الوزاني على شرح التاودي، للامية الزقاق: ص ٢٣٠
(٣) حاشية التسولي على شرح التاودي للامية الزقاق: ٢ ٢٤، وشرح السجلسماسي: ص ٤٩٠

<<  <  ج: ص:  >  >>