للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرف والمال:

المال شرعًا هو كل ما يمكن حيازته والانتفاع به على وجه معتاد أو هو اسم لما يباح الانتفاع به حقيقية وشرعًا (١) والمنافع تدخل في المذهب الشافعي والمالكي في تعريف المال بحيث ما لا يمكن حيازته لا يعتبر مالا ولو أمكن الانتفاع به كالهواء وضوء الشمس وحرارتها، وأما ما يمكن حيازته فيعد مالا كالحيوان في الفلاة، والسمك في الماء، والطير في الهواء.

والعرف هو الذي يحدد ما هو مال شرعًا وما ليس بمال واختلاف الفقهاء في ما هو مال مما ليس بمال مرجعه إلى الاجتهاد الذي تبناه العرف وهو عند الحنفية لا يكون المال إلا إذا كان مادة وقد وقع حوزه بدليل تعريفهم له بما يمكن ادخاره لوقت الحاجة وعليه فمنافع الأعيان كسكنى الدار وركوب الدابة أو السيارة أو الطيارة ولبس الثياب لا يعد مالا لعدم إمكان إحرازها ومثله أيضًا الحقوق كحق الحضانة وحق الولاية وحق التأليف وحق الاختراع وغيرها لا يعد مالا عند الحنفية وبقية المذاهب الثلاث تعتبر المنافع أموالًا إذ ليس من الواجب في المال إمكان إحرازه بنفسه، بل يكتفي بإمكان حيازته بحيازة أصله ولا شك أن المنافع تحاز مخالفًا ومصادرها إذ من استأجر بيتًا للسكنى وحازه ذاتًا يمنع غيره من الانتفاع به ما دام في حيازته وكرائه، كذلك من استأجر سيارة وقد حازها فهي له ما دامت في حيازته وليس لغيره الانتفاع بها.

وخلاصة القول أن المال عند الجمهور غير الحنفية هو كل ما له قيمة يلزم متلفه بضمانه، والحنفية تفرق بين المال والملك فالحقوق والمنافع أملاكا وليست بمال، وعند الجمهور هي مال لأنها هي المقصودة من العيان، ولولاها لما رغب الناس فيها ونتيجة هذا الخلاف أن الإجارة مثلا تنتهي بموت المستأجر عند الحنفية ولا تنتهي عند غيرهم حتى تنتهي مدتها، وكذلك الحقوق فإنها لا تورث عند الحنفية وتورث عند غيرهم، واعتبار المنافع أموالا أوجه وأظهر مما ذهب إليه الحنفية لأنه هو الذي يجارى عرف الناس ونظرتهم للمال.


(١) بدائع الصنائع للكيساني: ٦ / ٢٩٤

<<  <  ج: ص:  >  >>