للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشافعي: أصل الكفاءة في النكاح حديث بريرة، وقد خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما لم يكن زوجها كفؤا لها بعد أن تحررت، وكان زوجها عبدًا، قال الكمال بن الهمام: هذه الأحاديث الضعيفة من طرق عديدة يقوي بعضها بعضا فتصبح حجة بالتظافر والشواهد وترتفع إلى مرتبة الحسن لحصول الظن بصحة المعنى وثبوته عنه صلى الله عليه وسلم وفي هذا كفاية (١) ومن المعقول وهو أن انتظام المصالح بين الزوجين لا يكون عادة إلا إذا كان هناك تكافؤ بينهما، لأن الشريفة تأبى العيش مع الخسيس فلا بد من اعتبار الكفاءة من جانب الرجل لا من جانب المرأة، لأن الزوج لا يتأثر بعدم كفاءتها عادة وللعادة والعرف سلطان أقوى وتأثير أكبر على الزوجة، فإذا لم يكن الزوج كفؤًا لها قل أن تستمر الرابطة الزوجية وتتفكك عرى المودة بينهما، ثم إن أولياءها يأنفون من مصاهرة من لا يناسبهم في دينهم وجاههم ونسبهم وحسبهم ويعيرون به فتختل روابط المصاهرة وتضعف فلا تتحقق أهداف الزواج الاجتماعية ولا الثمرات والغايات المقصودة منه، وهذا هو مذهب الأئمة الأربعة وهو المعمول به في أغلب البلاد الإسلامية، وقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة والراجح عند الحنابلة والمعتمد عند المالكية والأظهر عند الشافعية على أن الكفاءة شرط لزوم الزواج وليست شرطًا في صحة النجاح فللأولياء حق الاعتراض وطلب فسخه فلا يسقط بالإسقاط ومرجع الكفاءة إلى ما تعارفه الناس من الصفات معظمة أو محقرة كالحرف الشريفة وغير الشريفة والنسب الشريف من غيره ولا سيما عند من يتباهون بالأنساب كالعرب والفرس، فالكفاءة في الدين والمال والنسب والحرفة والسلامة من العيوب وكلها يحتاج في طلب سببه إلى العرف والكفاءة عند الحنفية شرط لزوم في الجملة على ما في الدر المختار، لكن المفتى به عند المتأخرين أنها شرط لصحة الزواج في بعض الحالات وهي شرط لنفاذه في بعض الحالات وشرط لزوم في حالة أخرى وتكون شرط صحة بالنسبة للبالغة العاقلة إذا زوجت نفسها من غير كفء أو بغبن فاحش وكان لها ولي غاضب لم يرض بهذا الزواج قبل العقد. الحالة الثانية: أن يزوج غير الأصل أو غير الفرع من عديم الأهلية أو ناقصها فالزواج فاسد لأن ولاية غير الأصل والفرع منوط بالمصلحة ولا مصلحة بغير الكفء الحالة الثالثة: إذا زوج الأب أو الابن أي الأصل أو الفرع بسوء الاختيار عديم الأهلية أو ناقصها من غير كفء، أو بغبن فاحش لم يصح النكاح اتفاقًا.


(١) فتح القدير: ٢ / ٤١٧ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>