للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإزاء ذلك يمكن أن نتساءل هل يوافق الفقه الإسلامي على إجراء عقد بيع مع اشتراط عدم نقل الملكية (عدم التصرف في البيع) إلا بعد سداد جميع الثمن المؤجل، باعتبار أن هذه الصورة قد تحقق الهدف المقصود من (الإيجار المنتهي بتمليك) وهو اطمئنان البائع إلى الوصول إلى حقه قبل إباحة التصرف للمشتري في الشيء المبيع فإن لم يوف انفسخ العقد؟

للإجابة على ذلك نقول:

إن بعض الفقهاء أجازوا ذلك ألا وهو (بيع شيء مع اشتراط منع المشتري من التصرف في العين المبيعه بأي نوع من أنواع التصرفات- معاوضة أو تبرعًا- حتى يؤدي المشتري الثمن كاملًا، وإلا انفسخ العقد.

فقد نص المالكية على أنه يجوز أن يبيع المالك السلعة بشرط ألا يتصرف فيها المشتري ببيع ولا هبة ولا عتق حتى يعطي الثمن، فهذا بمنزلة الرهن وكان الثمن مؤجل) (١) .وأيضًا يصح بناء على رأي ابن شبرمة، وكذلك رأي ابن تيمية، ورأي الإمامية، الذين يجيزون اشتراط كل ما لا يخالف الكتاب والسنة، ولا يناقض المقصود الأصلي من العقد... (وقد سبق أن وضحنا ذلك) .

وبناءً على هذا الرأي الذي أرجح الأخذ به أرى أنه يمكن أن يصاغ بديل ل عقد الإيجار المنتهي بالتمليك، وهو عقد بيع يشترط فيه عدم تصرف المشتري في الشيء المبيع بأي نوع من أنواع التصرف - معاوضة أو تبرعًا- إلا بعد سداد جميع الثمن، وإلا انفسخ العقد.

وما يدفع من أقساط إيجارية- تكون أقساط ثمن السلعة المنجمة، فإذا وفى بها أصبح له حق التصرف فيها، وإذا لم يوف كان للمشتري الحق في أخذ السلعة منه، وأما ما دفع من أقساط خلال المدة السابقة على امتناعه عن الوفاء بباقي الأقساط المحددة، فهذه يمكن معالجتها على أساس خصم القيمة الإيجارية الحقيقية من هذه الأقساط التي دفعها خلال هذه المدة، مع إضافة تعويض ملائم عن الأضرار التي لحقت بالبائع نتيجة هذا الإخلال كشرط جزائي (٢) .


(١) نظرية الشرط، للمؤلف: ص٢١٧، وص٣٦٥.
(٢) الشرط الجزائي يمكن القول بصحته على أساس ما ورد في بعض المذاهب الفقهية فإن الشرط الجزائي إذا لم يكن محله مبلغ من النقود يصرح بصحته بعض الفقهاء، ومنهم المالكية وكذلك القائلون بصحة كل شرط حلال لا يحرم حلال، ولا يحل حرام، وهم ابن تيمية وابن القيم والشيعة الإمامية (راجع نظرية الشرط، للمؤلف: ص٦٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>