للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ثالثا: رجوع الفقهاء في كثير من الأمور المثلية إلى القيمة حينما لا يحقق المثل العدالة، كما في حالة اقتراض الماء عند ندرته وفي حالة الحلي المصنوع من الذهب ولكن داخلته الصنعة وغير ذلك مما ذكرناه عند كلامنا على المثلي والقيمي.

* رابعا: وحتى نختم هذا بختام المسك نرى أن النبي صلى الله عليه وسلم، أشار إلى أهمية القيمة، حيث قال: ((من أعتق عبدا بين اثنين فإن كان موسراً قوم عليه، ثم يعتق)) وفي رواية صحيحة أخرى: ((من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قُوِّم العبد عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق منه ما عتق)) وفي رواية لمسلم: ((من ماله قيمه عدل لا وكس ولا شطط)) (١)

يقول العلامة ابن القيم: (ومعلوم أن المماثلة مطلوبة حسب الإمكان، ثم نقل عن جمهور العلماء قولهم: الدليل على اعتبار القيمة في إتلاف الحيوان دون المثل: أن النبي صلى الله عليه وسلم ضمن معتق الشخص إذا كان موسرا بقيمته، ولم يضمنه نصيب شريكه بمثله فدل على أن الأصل هو القيمة في غير المكيل والموزون) (٢) .

ثم إن قضية المثلي والقيمي ليست هي أيضا من المنصوص عليها بحيث لا يجوز مخالفتها، يقول الشوكاني: (إطلاقهم على الشيء الذي تساوت أجزاؤه أنه مثلي، وعلى ما اختلفت أجزاؤه أنه قيمي هو مجرد اصطلاح لهم، ثم وقوع القطع والبت منهم بأن المثلي يضمن بمثله، والقيمي بقيمته هو أيضا مجرد رأي عملوا عليه، وإلا فقد ثبت عن الشارع أنه يضمن المثلي بقيمته) .


(١) صحيح البخاري – مع الفتح – كتاب العتق: ٥/١٥٠ – ١٥١. ومسلم: ٢/١١٤٠، وسنن أبي داود – مع العون -: ١٠/٤٧٢، والترمذي – مع تحفة الأحوذي -: ٤/٢٨١. والنسائي: ٧/٢٨١. وابن ماجه: ٤/٨٤٤.
(٢) شرح سنن أبي داود لابن القيم: ١٢/٧٢٧ – ٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>