للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقاعدة العامة لدى الشافعية وغيرهم أن المثلي إذا عدم، أو عز فلم يحصل إلا بزيادة لا يجب تحصيله كما صححه النووي، بل يرجع إلى القيمة (١) .

والحنابلة يقولون بوجوب القيمة في حالة إلغاء السلطان الفلوس، أو الدراهم المكسرة، ولكن هل تجب القيمة عند الغلاء أو الرخص؟ المنصوص عن أحد وأصحابه هو عدم اعتبارها، وقد بين ابن قدامة السبب في هذه التفرقة بين الحالتين فقال معللا لوجود القيمة في حالة الكساد ودون حالة تغير القيمة: (إن تحريم السلطان لها منع إنفاقها، وأبطل ماليتها فأشبه كسرها، أو تلف أجزائها، وأما رخص السعر فلا يمنع ردها سواء كان كثيرا أو قليلا، لأنه لم يحدث فيها شيء إنما تغير السعر فأشبه الحنطة إذا رخصت، أو غلت) (٢) .

ولو دققنا النظر في التعليل الذي ذكره ابن قدامه لوجدناه قائما على ثلاثة أمور:

الأمر الأول: الاعتماد على أن الكساد عيب ولكن الرخص الفاحش ليس بعيب ولو رجعنا إلى تعريف ابن قدامة نفسه للعيوب لدخل فيه الرخص الفاحش، حيث عرفها بأنها: النقائص الموجبة لنقص المالية، ثم ذكر عدة تطبيقات محللا فيها، (ولنا أن ذلك ينقص قيمته وماليته) .

فعلى ضوء ذلك كان الأجدى رعاية القيمة أيضا في النقود الاصطلاحية لأن القيمة عنصر أساسي.

* الأمر الثاني: الاعتماد على القياس على الحنطة إذا رخصت وهذا في نظرنا قياس مع الفارق، وذلك لأن قيمة الحنطة في ذاتها لو رخصت لما اختلف الأمر من حيث قيمتها الغذائية، وكذلك النقود الذهبية والفضية حيث لو رخصت لما أثرت في كونها سلعة لها قيمة ذاتية، أما النقود الورقية فقيمتها في قدرتها الشرائية فلو اهتزت اهتزازا كبيرا فلابد من مراعاتها.


(١) راجع المصدرين السابقين، وقطع المجادلة عند تغير المعاملة للسيوطي مخطوطة التونسي، ورقة (١) ، وذكر وجها للشافعية يقضي بأن الفلوس والدراهم المغشوشة من المتقومات فعلى هذا يكون الرد فيها بالقيمة.
(٢) المغني لابن قدامة: ٤ / ٤٦٠

<<  <  ج: ص:  >  >>