للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أعطى العلامة الكاساني أهمية خاصة للقيمة حتى جعلها معيارا وأصلا فقال: (ألا ترى أنه لا يعرف الجيد، والوسط والرديء إلا باعتبار القيمة، فكانت القيمة هي المعرِّفة بهذه الصفات فكانت أصلا في الوجوب، فكانت أصلا في التسليم ... ) (١) .

وفي المذهب المالكي نجد أن القاضي ابن عتاب، وابن دحون وغيرهما يقولون برعاية القيمة في بعض المسائل، حيث ورد في المعيار المعرب: (سئل ابن الحاج عمن عليه دراهم فقطعت تلك السكة؟ أجاب ... وأفتى ابن عتاب بأن يرجع في ذلك من قيمة السكة المقطعوعة من الذهب، ويأخذ صاحب الدين القيمة ومن الذهب ... ، وكان أبو محمد بن دحون رحمه الله يفتي بالقيمة يوم القرض، ويقول إنما أعطاها على العوض فله العوض..) (٢) .

وقيد الرهوني رد المثل بالمثل إذا لم يكن تغير السعر كبيرا، فقال: (وينبغي أن يفيد ذلك بما إذا لم يكثر جدا حتى يصير القابض بها كالقابض لما لا كبير منفعة فيه، لوجود العلة التي علل بها المخالف، حيث إن الدائن قد دفع شيئا منتفعا به لأخذ منتفع به، فلا يظلم بإعطائه ما لا ينتفع به) (٣) .

وقد راعى المالكية – كقاعدة عامة – القيمة في كثير من المسائل وأولها عناية فائقة حيث ذهبوا إلى أن عشرين دينارا من الذهب تجب فيها الزكاة حتى ولو كان فيها نقص من حيث الوزن ما دامت مثل الكاملة في الرواج، وعلل ذلك العلامة الدسوقي بقوله: (لا يخفى أن القيمة تابعة للجودة والرداءة فالالتفات لأحدهما التفات إلى الآخر) (٤) خلافا للشافعية في رعاية الوزن (٥) .


(١) بدائع الصنائع: ٣/١٤٤٢
(٢) المعيار المعرب: ٦ / ٤٦١ – ٤٦٢
(٣) نقلا عن د. شوقي أحمد دنيا في بحثه القيم عن النقود والأثمان في مجلة المسلم المعاصر العدد (٤١)
(٤) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: ١/٤٥٥.
(٥) الروضة: ٢/٢٥٧، والمجموع: ٦ / ١٩٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>